ترحيب

إِذا شئتَ أن تحيا سليماً من الأذى ... وديُنك موفوراً وعْرِضُكَ صينُ

فلا ينطقنْ منكَ اللسانُ بَسوْأةٍ ... فكلك سَوْءاتٌ وللناسِ أعينُ

وعينُكَ إِن أبدتْ إِليك معايباً ... فصُنْها وقُلْ يا عينُ للناسِ أعينُ

وعاشرْ بمعروفٍ وسامحْ من اعتدى ... ودافعْ ولكن بالتي هي أَحْسَنُ

الشافعي


الأربعاء، 24 سبتمبر 2014

الفصل الثاني - الفوائد الدينية والعلمية والأدبية



الفصل الثاني

الفوائد الدينية والعلمية والأدبية
القرآن الكريم
      القرآن الكريم[1] هو دستور الشريعة الإسلامية الذي أنزله الله سبحانه وتعالي بلسان عربي فصيح بوحي منه إلى نبيه، فهو كلام الله وجميع ألفاظه نورانية مستمدة نورانيتها من نور الله عز وجل، ولغته في غاية الفصاحة وأعلا مراتب البلاغة.
       قال تعالي: (أَفَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافًا كَثِيرًا )[2]، وقال تعالى: (قُلْ لَئِنِ اجْتَمَعَتِ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى أَنْ يَأْتُوا بِمِثْلِ هَذَا الْقُرْآنِ لَا يَأْتُونَ بِمِثْلِهِ وَلَوْ كَانَ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ ظَهِيرًا)[3]، وقال تعالى: (وَلَقَدْ ضَرَبْنَا لِلنَّاسِ فِي هَذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ لَّعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ)[4]، وقال تعالى: (وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلا الْعَالِمُونَ)[5].
   وزيادة علي ما تحتويه آياته البينات من تشريع فانها تحتوى كذلك علي أعظم الفوائد وأحسن اللطائف وأكمل الخفايا وأفضل الخصائص وأكثر المنافع وأبهى المزايا ولا يمكن الوصول إِلى كنه أسراره العجيبة ومعانيه العديدة وفوائده الكثيرة وفضائله العظيمة، قال تعالى: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ وَلا يَزِيدُ الظَّالِمِينَ إِلَّا خَسَاراً)[6]، وقال صلي الله عليه وسلم: ( خذ من القرآن ما شئت لما شئت) .
   وقال صلي عليه وسلم محدثاً عن فضل فاتحة الكتاب عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: أَتُحِبُّ أَنْ أُعَلِّمَكَ سُورَةً لَمْ يَنْزِلْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا ؟ قَالَ: نَعَمْ ، يَا رَسُولَ اللَّهِ ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَيْفَ تَقْرَأُ فِي الصَّلَاةِ ؟ قَالَ : فَقَرَأَ أُمَّ الْقُرْآنِ. فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ مَا أُنْزِلَتْ فِي التَّوْرَاةِ وَلَا فِي الْإِنْجِيلِ وَلَا فِي الزَّبُورِ وَلَا فِي الْفُرْقَانِ مِثْلُهَا)[7] ، وسأل رجل النبي صلي الله عليه وسلم أي سورة في القرآن أعظم قال:(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)[8] قال فأي آية في القرآن أعظم قال:آية الكرسي.
   ونظراً لأعظمية هاتين السورتين وتلك الآية أردت أن أذكر موجزاً عن فضائلها وفوائدها وأسرارها العجيبة وخواصها وبركتها معززاً ذلك بالاحاديث الواردة عنه عليه الصلاة والسلام .
سورة الفاتحة:
قال بعض أهل الخواص في فضائل الفاتحة:
اذا ما شئت أن تضحي غنياً ** وعنك الفقر والاقلال يذهب

ففاتحة الكتاب فلا تدعها **   فمن أسرارها ما منه تعجب

فلا تترك تلاوتها بليل ** فأسباب الامور بها تسبب

بها تعطي القبــــــول بكل شئ ** وعنك شدائد الايام تذهب

فاياك التساهل والتواني ** ففيها من مرادك كل مطلب

وللتألف والتفريق منها ** حروف في مهم الأمر تكتب

حروف النور للتأليف منها ** بها كل القلوب إليك تجذب

وللتفريق تكتب ما سواها **   فهذا كله صدق مجرب

تطول بها علي النظر محلا ** جميعهم من أحداث وشيب

ومبلغ عدها ألفاً يقيناً ** من ألفي عدو أنت أغلب

وأعلام السرور اليك تأتي ** بما ترضي به وإليك ترغب

وتلبس ثوب عافية وسعد ** وتصبح من أسود الغاب أغلب

وتحمي كل حادثة وتكفي ** بها من كل ما تخشي وترهب[9]

وأعلم أن الحروف[10] التي يلفظ بها في أوائل السور ثمانية وعشرون حرفاً شطرها حروف النور وشطرها حروف الظلمة فأما حروف النور فهي الألف والحاء والصاد والسين والكاف والعين والطاء والقاف والراء والهاء والنون والميم واللام والياء ويجمعها (الر كهيعص طس حم ق ن )[11] وما عدا ذلك فهو من حروف الظلمة .
(خصائص قراءة الفاتحة وعددها ومنافعها وفوائدها)[12]

    قال الحكيم أن في هذه السورة ألف خاصية ظاهرة وألف خاصية باطنة وأما آياتها فسبع آيات بالاتفاق غير أن منهم من عد (أنعمت عليهم) دون التسمية ومنهم من عكس، وكلماتها خمس وعشرين كلمة، وبعضهم قال حروفها ماية وخمس وعشرين حرفاً وبعضهم ماية وثلاثة وعشرين حرفاً وبعضهم ماية وثلاثين حرفاً، فالاختلاف بينهم بحسب الكتابة والقراءة[13].
وروي عن بعض تلاميذ الشيخ التميمي قدس الله سراه أنه قال: "وقع وباء عظيم في بلد فأمر الشيخ التميمي أصحابه بقراءة الفاتحة مع وصل البسملة علي من كان مريضا بالطاعون والوباء وبعد تمام القراءة ينفخ عليه، فقرأنا كما أمرنا فشاهدنا شفاءها وثمرتها بعون الله".
     ومن قرأها مع وصل البسملة علي المريض احدي وأربعين مرة ثم يتفل عليه شفاه الله تعالي ، وهذه من المجربات.
     ومن دوام علي قراءة الفاتحة مع البسملة بين سنة الصبح وفرضه إحدي وأربعين مرة لم يطلب منزلة إلا وجدها، وان كان فقيراً أعناهُ الله تعالي وان كان مديونا قضي عنه الدين وان كان مريضا شفاه الله سريعاً، وان كان ضعيفاً قوى، وان كان غريباً عز وشرف بين الناس بحيث لا يقاس له وصف من العز والشرف وكان محبوباً عند العالم العلوي والسفلي وكان مسموع القول ومقبول الفعل ومهاباً عند عدوه ومحبوباً عند محبه ولم يزل في أمن الله تعالي ما استدام عليها.
      ومن عزل من منصب من مناصب الدنيا ويريد أن يعود اليه فليداوم علي سورة الفاتحة احدي وأربعين مرة بين سنة الصبح وفرضه في أربعين يوما من غير خلل ونقصان فيعطيه الله تعالي منصبه أو يعطي أفضل منه ببركة أسرار الفاتحة ويرزقه ولداً صالحاً ولو كان عقيماً، واذا قرأت بهذا الترتيب علي وجع ومرض خصوصاً علي وجع العين بنية خالصه شفاه الله تعالي وهو سر من الاسرار لا يعرفه إلا من وفقه الله[14].
   وقال صاحب كتاب درة الافاق في علم الحروف والاوفاق من دوام علي قراءة الفاتحة مع البسملة عقب كل صلاة مكتوبة سبع مرات بعدد آياتها فتح الله عليه أبواب الخيرات ما دام يقرؤها وكفاه الله تعالي ما أهمه من أمر دينه ودنياه، ومن دوام علي قراءتها عقب كل صلاة مكتوبة عشرين مرة يبلغ كل يوم الي ماية فاتحة وسع الله رزقه وحسن حاله ونور بصيرته ويسر أمره وفرج همه وكشف ضره ويعطي قارئها مأموله من العز والهيبة والعلو والرفعة والسيادة، وبها تنزل البركات وتقضي الحاجات وفيها أسرار لأرباب البدايات وأنوار لأصحاب النهايات، وهي تدل علي الدين والصدق والانابة والتوفيق والنصر والقهر والغلبة والطاعة والعطف والمحبة والكفاية والوقاية والامن والتمليك والارادة والعلم والبسط والسرور والفهم والزيادة في المال والجاه والحياة الطيبة وحفظ الخدم والاولاد من والفساد والاطلاع علي لطائف العلوم ودقائق الفهموم بالغرائب والحكمة والتكلم بالحقائق والمعرفة وغيرها من المنافع والمراتب كلها ببركة الفاتحة وفتح الله عليه أبواب الخيرات، نفذت كلمته في الرياسات وآمنه الله من حوادث الدهر وشر نكبات الجوع والفقر وألقي محبته في القلوب ولا يسأل الله تعالي إلا أعطاه ما سأل، هذا ولا تحصل هذه الخواص إلا بشروط المداومة عليها مع الاستقامة وحفظ الجوارح .
          وفي رواية أن الفاتحة تقرأ بعد صلاة الصبح ثلاثين مرة وبعد الظهر خمسا وعشرين وبعد المغرب خمسة وعشرين وبعد العشاء عشر مرات تبلغ كلها الي ماية فاتحة، وكلا الطريقتين محمود، ومن دوام قراءتها بعد صلاة الصبح بعدد حروفها وهي ماية وخمس وعشرين مرة أدرك غرضه ونال مطلوبه بلا شك ولا شبهة ولهذا الترتيب خواص عجيبة وأسرار غريبة، ومن داوم علي قراءتها بعدد االمرسلين وأصحاب طالوت (313) مرة لأي شئ يريد من المقاصد والمنافع إلا حصل له المطلوب ولذلك العدد سر عظيم سيذكر إن شاء الله تعالي في قراءة آية الكرسي . 
آية الكرسي:
الاحاديث الواردة في أعظمية آية الكرسي
    أخرج أبو عبيدة عن سلمة بن قيس رضي الله تعالي عنه وكان أول أمير علي ايلياء قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ : اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَعْلَمُ ، قَالَ : يَا أَبَا الْمُنْذِرِ ، " أَتَدْرِي أَيُّ آيَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ مَعَكَ أَعْظَمُ ؟ قَالَ : قُلْتُ: { اللَّهُ لا إِلَهَ إِلا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ }[15] قَالَ : فَضَرَبَ فِي صَدْرِي ، وَقَالَ : وَاللَّهِ لِيَهْنِكَ الْعِلْمُ أَبَا الْمُنْذِرِ)[16].
     وأخرج سعيد بن منصور وابن الضريس والبيهقي عن بن عباس رضي الله تعالي عنهم، قال: (ما خلق الله من سماء ولا أرض ولا سهل ولا جبل أعظم من آية الكرسي)[17] .
    وأخرج وكيع والحرث ومحمد بن نصر وابن الضريس عن الحسن قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (أَفْضَلُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ , وَأَعْظَمُ آيَةٍ فِيهِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لِيَفِرُّ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ)[18]، وعن النبي صلي الله عليه وسلم: (أن أعظم آية في القرآن آية الكرسي من قرأها بعث الله ملكا يكتب حسناته ويمحو من سيئاته إِلي الغد من تلك الساعة التي قرأها فيها)[19]، عن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال: (إِنَّ اللَّهَ، عَزَّ وَجَلَّ, خَلَقَ دُرَّةً بَيْضَاءَ وَخَلَقَ مِنَ الدُّرَّةِ الْعَنْبَرَ الأَشْهَبَ وَكَتَبَ بِذَلِكَ الْعَنْبِر آيَةَ الْكُرْسِيِّ وَحَلَفَ بِعِزَّتِهِ وَقُدْرَتِهِ, مَنْ تَعَلَّمَ آيَةَ الْكُرْسِيِّ, وَعَرَفَ حَقَّهَا فَتَحَ اللَّهُ عَلَيْهِ ثَمَانِيَةَ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يَدْخُلُ مِنْ أَيِّهَا شَاءَ)[20]، وقال بعض أهل الخواص لحصول البركة والنماء: أن تقرأ آية الكرسي علي طعام قليل أو علي الحنطة أو الشعير أو الارز أو علي غير ذلك وكلما قرأتها تنفخ علي الشئ المراد زيادته الي تمام عدد المرسلين فان البركة والنماء يحصلان فيه بإذن الله تعالي، وكذا في الدراهم، كما ورد ذلك في خواص القرآن، أخرج أبن السني عن أبي قتادة رضي الله عنه أيضا أن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (مَنْ قرأ آيَةَ الكُرْسِيّ وَخَوَاتِيمَ سُورَةِ البَقَرَةِ عِنْدَ الكَرْبِ أغاثَهُ اللَّهُ)[21]، وقال الشيخ البوني رحمه الله تعالي: (من قرأ آية الكرسي بعدد حروفها وهي ماية وسبعين حرفا أعانه الله تعالي في جميع أموره وقضي حوائجه وفرج همه وغمه وكشف ضره ووسع رزقه ونال مطلوبه)[22]
   وقد ثبت يقينا أن آية الكرسي إذا قرئت (313) مرة لأي مهمة هانت أو قضيت بإذن الله تعالي ويستحسن لصاحب الحاجة أن يداوم علي قراءتها لمدة سبعة أيام متواليات ثم يعقبها بسبعة أخري وهكذا يستمر في قراءتها حتي تحصل الاجابة وهذه الطريقة أي المداومة في تلاوة العدد المطلوب متبعة، هذا وان بعض المشايخ يأذن لمريده (تلميذه) أو يأمره باتخاذ هذا العدد وردا مستديما .
سورة الاخلاص
الاحاديث الواردة في فضائل قراءة سورة الاخلاص
   بالسند المتصل الي أبي الدرداء رضي الله عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم أنه قال: (أَيَعْجِزُ أَحَدُكُمْ أَنْ يَقْرَأَ ثُلُثَ الْقُرْآنِ فِي لَيْلَةٍ ؟ قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَنْ يُطِيقُ ذَلِكَ ؟ قَالَ : اقْرَءُوا : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ)[23] ، وبالسند المتصل الي أنس رضي الله عنه قال: قال رجل لرسول الله صلي الله عليه وسلم: (إِنِّي أُحِبّ هَذِهِ السُّورَة " قُلْ هُوَ اللَّه أَحَد " فَقَالَ رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ " حُبّك إِيَّاهَا أَدْخَلَك الْجَنَّة)[24] ، عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن النبي قال: (مَنْ قَرَأَ : قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ عَشْرَ مَرَّاتٍ بُنِيَ لَهُ قَصْرٌ فِي الْجَنَّةِ ، وَمَنْ قَرَأَهَا عِشْرِينَ مَرَّةً بُنِيَ لَهُ قَصْرَانِ ، وَمَنْ قَرَأَهَا ثَلاثِينَ مَرَّةً بُنِيَ لَهُ ثَلاثٌ)[25] وروي عن علي رضي الله عنه أنه قال: (مَنْ قَرَأَ (قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) بعد صلاة الفجر احدي عشرة مرة لم يلحقه ذنب ولو اجتهد الشيطان)[26].
     وأخرج الطبراني والديلمي عن النبي صلي الله عليه وسلم انه قال: (من قَرَأَ{ قُلْ هُوَ اللَّهُ } مائَة مرّة فِي الصَّلَاة وَغَيرهَا كتب الله لَهُ بَرَاءَة من النَّار)[27] .
     وأخرج أبو الأسعد القشيرى في الاربعين عن أنس رضي الله عنه عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: ( من قرأ اذا سلم الامام يوم الجمعة قبل أن يثني رجليه فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد وقل أعوذ برب الفلق وقل أعوذ برب الناس سبعاً غفر الله ما تقدم من ذنبه وما تأخر)[28].
      وأخرج ابن النجار عن أنس رضي الله تعالي عنه قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم: (جاءني جبريل عليه السلام في احسن صورة ضاحكة مستبشراً فقال يا محمد العلي الاعلي يقرئك السلام ويقول: انَّ لكلّ شي‏ء نَسَباً، ونِسْبَتي (قُلْ هُوَ اللَّهُ أحَد ) فمن أتاني من أمتك قارئا لقل هو الله أحد ألف مرة من دهره لزمه لوائي واقامة عرشي وشفعته في سبعين ممن وجبت عقوبتهم ولولا أني آليت علي نفسي كل نفس ذائقة الموت لما قبضت روحه)[29] .
     وأخرج البيهقي عن أبي أمامة الباهلي رضي الله عنه قال: (أتي رسول الله صلي الله عليه وسلم جبريل عليه السلام وهو حينذاك بتبوك فقال يا محمد أشهد جنازة معاوية بن معاوية المزني فخرج رسول الله صلي الله عليه وسلم ونزل جبريل عليه السلام في سبعين ألفا من الملائكة فوضع جناحه الأيمن علي الجبال فتواضعت ووضع جناحه الايسر علي الارضين فارتفعت حتي نظر عليه الصلاة والسلام الي مكة والمدينة شرفها الله فصلي عليه رسول الله صلي الله عليه وسلم وجبريل والملائكة عليهم السلام فلما فرغ قال عليه الصلاة والسلام "ياجبريل بم بلغ معاوية هذه المنزلة" قال بقراءة قل هو الله أحد قائما وراكبا وماشيا)[30].
   والآن نكتفي بذكر هذا القدر اليسير من فضل وخواص القرآن فمن أراد الزيادة فليقرا كتاب [خزينة الاسرار][31] فان فيه الكفاية لكل طالب وراغب .

الروح وما أدراك ما الروح
 الروح[32] هي مشكلة المشكلات ومعضلة المعضلات وطلسم الطلاسم والكنز الذي رجع كل من رام فتحه بخفي حنين هذا كلام فريق من الناس الذين لم يكلفوا أنفسهم مشقة البحث والخوض في هذا الموضوع محتجين بقوله تعالي: (وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا)[33] ، زاعمين أن هذه الآية هي كأمر لعدم الخوض في ماهية الروح وكنهها مكتفين بالايمان بوجودها إِجمالاً حسب ما جاءت به الكتب السماوية وان البحث في ماهيتها ضرب من المحال لا تدركه العقول .
أقول إِذا صح من غالب الناس هذا الاحتجاج بحسب قصر فطرتهم عن هذا الادراك من أرباب الاديان أو من حجدوا الاديان كلية وأنكروا الروح فانه قد يتسني منهم فريق ولو قليلا من أشرف علي بعض خواص الروح من طرق غير التي وقف دونها الأولون بمجرد عقولهم المحدودة وتصورهم القاصر خصوصاً في عصرنا هذا القرن العشرين الذي فتح فيه لأهل العلم مغارة لما وراء المادة أعترف بها الغربيون وناكروا الاديان مجبرين بعد أن ذكرها الشرقيون تبعاً لما أشار به الدين الاسلامي وقد توسع فيها بعض خواص الصوفيه الاقدمين باصطلاحات صوفية إِجمالية لا تفيد الا من سلك مسلكهم وشرب من منهلهم عن طريق تهذيب النفس والرياضة وإِستيعاب هذه الحقائق بالعلم الذوقي والوجداني القلبي لا بالعقل المقيد بقوانينه المحدودة، أما الآن وقد تقدم العلم بالختراع الراديو والاشعة الكهربائية المتنوعة وإِكتشاف الاثير واللاسلكي وبعض ما وراء المادة ما يصح أن يكون مقرباً لفهم بعض الشئ من ماهية الروح لمن ليس له من فطرته وإِنطلاقه الروحي إِستعدادا لفهم هذا البحث الجليل .
   وهنالك فريق آخر تجرأ علي البحث عن كنه الروح بمجرد تصوره المحدود مشاهدته بظاهر حواسه المقيدة المخطئة، ففريق الأطباء الغربيين قرروا (أن الروح هي الحركة الحيوية الشاملة للدورة الدومية في الجسم)، وآخرون قرروا (أنها هي الابخرة اللطيفة المستكنة في صنوبرية القلب والمنتشرة بواسطة الجهاز العصبي في سائر أنحاء الجسم)، وغيرهم قرروا (أن النفس هي الروح)[34] وصاروا يبحثون في آثار النفس الاخلاقية والشهوانية بجميع تقلباتها وميولها زاعمين أنهم وصلوا إِلي كنه الروح وماهم إِلا تائهون في دياجي ظلمات تلك الآثار الخلقية والعوائد في الانسان من كل الشعوب وبيئاتها ولما أفلسوا في هذا البحث أسموه علم النفس وما أجدر ما سموه بعلم النفس أن يسموه علم الاخلاق والعادات في سائر الشعوب والامصار لأنك لو طالعت كتاباً من كتبهم لتعرف حقيقة من حقائق النفس[35] أو الروح لخرجت بعد البحث والاستقصاء بنتيجة خلقية في كل إِختلاط مع الغير من آثار النفس في شتي الانفعالات من غضب وفرح وترويض في نشأة الأطفال وتربيتها وما إِلي ذلك وهو فرع من علم الفراسة الاقدمين معروف دون أن تصل إِلي نقطة البحث وهي ماهية النفس أو الروح[36] .
   والحق الذي لا نزاع فيه أن الروح هي شئ خارج عن نطاق المادة المعقولة وغير خاضع لنواميس تلك المادة ولا يستطيع العقل بتركيبته المعهود أن يحيط بجزئية من حقائقها فضلا عن كنهها إِذ نفس هذا الفكر هو أثر من أثارها وهي المفيضة عليه بموهبة التعقل فكيف يحيط الفرع بالاصل مع خضوع القوى المفكرة لنواميس المادة وخروج الروح عن تلك النواميس .
   إلا أنه قد يكون من حيز الامكان الالماع إِلى ذات الروح بحاسة  غير الحواس المعلومة وإِدراك غير إِدراك العقل، أو بمعنى أوضح تعلمه الروح بنفس ذات الروح فى إِحدى  حالات سبحاتها وتشععها من الجسم فى إِنطقاتها وتطوراتها التى جاءت مجملة على ألسنة الصوفية  الاقدمين دون أن يجدوا من الألفاظ اللغوية والقياسات العلمية  مايمكنهم من تقريب  تفهيم  كنه الروح لغيرهم من هم محجوبون بقيد عقولهم ولم يسلكوا  سبيلهم من الرياضة  وتهذيب النفس حتى تنطلق من قيودها الجسمانية[37] وهو ما ظهر حديثا   فى التنويم المغناطيسي بحالة محدودة زعم الغربيون أنهم إِكتشفوا شيئاً جديدا خارقا للعادة والحال أن هذا الشأن معروف بأجلي بيان وبأوسع حالة عند أهل الكشف من الصوفية المفتوح عليهم بالإنطلاق الروحي كما سيجئ الايضاح، وسنورد بعضاً من أحوال هؤلاء الصوفية الماضين ثم نقارنه بما جد من الإختراعات الحديثة مخرجين من بين ذلك نتيجة تقريبية لتفهم تلك الماهية لمن لم يكن له نصيب في الانطلاق الروحى .  
    قال الامام الغزالي رضي الله عنه عن ماهية الروح في كتابه (المضنون به علي غير اهله ): "أن الروح ليس بجسم ولا عرض بل هو جوهر غير منقسم قائم بنفسة غير متحيز ولا هو داخل ولا هو خارج متصل بالجسم ولا منفصل لأن الإتصاف بالإنفصال والاتصال والتحيز هو للجسمية وقد انتفت عن الروح وذلك ببراهين ثابتة لا جدال فيها"، وهذا الكلام مع علو شأنه وجلالة قدره لا يفيد الا المفتوح عليهم فقط واما المحجوبون فهو لهم غير مجد "واول دليل علي ان الروح مخالف لناموس المادة انها تكون في مكانين مختلفين في وقت واحد بدليل رؤية النائم في الرؤيا انه في جهة ما يفعل من تلذذ او تألم وفي الوقت نفسه جسم هذا الروح موجود في مكانه النائم به وروحه فيه بدليل حياته وجريان النفس فيه وقت النوم مما يؤكد ان الروح في حالة وجودها في المكان الاخر باقية في الجسم "، وما يثبت بان الروح بحكم فطرتها التي فطرها الله سبحانه وتعالي عليها انها لا تحصر كما تحصر المواد وبما انه ثبت انها ليست بمادة فهي غير فانية ولا متلاشية اي انها خالدة وباقية بعد الموت للجسم وقد وقد اجمع الاقدمون علي بقائها بعد الموت كما جاء ذلك ايضا في الكتب السماوية بتفصيل للثواب والعقاب اما فيما يختص بخلقها" فقد نبه الامام الغزالي الي "انها غير مقدرة بكمية كالمواد لانها غير خاضعة لنواميس المادة وهذا لا ينافي انها مخلوقة بتقدير ينافي تقدير المادة المعلوم وان لها ابتداء ومصدرا كما جاء في حديث ( ان الله خلق الارواح قبل الاشباح بالالف سنة )[38] أه.
    وقد ذكر الامام الجيلي في كتاب الانسان الكامل والاستاذ الدباغ في كتاب     (الابريز) والاستاذ محي الدين بن العربي في كتاب الفتوحات الملكية وغيرهم من الصوفيه والمحققين بتعبيرات والفاظ الروح وعالمه ترجع كلها في الحصر إِلي ماذكره الامام الغزالي تفصيلاً وإِجمالاً إِلا إِنهم قد زادو في بعض إِيضاحاتهم عن خصوصيات الروح وتطورها وقوة تأثيرها  في الأكوان وغرائب إِنطلاقاتها التي يقصر عن إِدراكها أعظم عقل، أقوال أنهم أوضحوا كل ذلك دون أن يشرحوا ماهيه الروح ولو تقريبياً لشفاء غليل المتعطشين لذلك البحث العجيب والذي تقرر اخيرا كثير من اشباهها في عالم الروحانية الحديثة في مجتمعات علميه في أوربا وامريكا علي يد فطاحل العلماء الذين لا يؤمنون إِلا بما يشاهدون ويمحصون بالطرق العلمية وإِن كانوا لم يصلوا إِلي نذر يسير من أثار الروح لا ماهياتها وإِضطروا اخيراً إِلى الايمان بأن وراء المادة قوة غير خاضعة للنواميس المعلومة[39].
    كل ما تقدم لم يوصلنا لمعرفة الروح وماهيتها، وهل يمكن مشاهدتها بتلك الحواس الجسمانية أم لا والدخول في هذا الموضوع طريقان: طريق قديم وهو طريق الصوفية المعلوم من خلوة ورياضة حتى تنطلق الروح من بشريتها وتقرب من عالمها الاصلي وتنكشف لها الحجب حتى ترى العينان ويحس الجسد وتسمع الأذنان ويعلم القلب مع العقل علوما ومشاهدات بحاسة وعقل ليس للحواس البشرية دخل فيه ولا العقل البشرى المقيد بل بحاسة أخرى ذوقية روحية عقلية فهمية لا قياس لها ولا قوانين كقوانين المادة بل هو فتح روحاني يأتي جملة وتفصيلاً لانه إندماج بالفعل في عالم الملكوت فيري ويسمع ويحس ويشاهد لم يشاهده المحجوبون في بشريتهم الطينية الكثيفة والتي إزداد كثافة بأنكبابهم علي المادة والشهوات والتعلق بزخارف الدنيا الوقتية الفانية .
    ولكن بالأسف لا يمكن لهؤلاء الصوفية المحققين تفهم غيرهم من المحجوبين هذه الأشياء إلا لمن إندمج في سلوك طريقهم وهو أيضاً لا يفهم من هذه الاحوال إِلا بالقدر الذي فتح عليه من الانطلاق الروحي والفتح إِلا أنه في الجملة يكون من المؤمنين بوجود الروح وماهيتها وتصريفها وتأثيرها الخارق للعادة وكلما إزداد فتحاً ازداد علماً وموهبة في هذا الشأن البعيد الغور .
    وأما الطريق الآخر الحديث فهو نتائج بحث الروحانية وأثرها مضافاً إليه نتائج وبحث ما وراء المادة كالكهرباء المغناطيسية  والراديو وأشعة روتنجن وغيرها من الاشاعات الأثير الذى اكتشف وغير ذلك من الأشياء التي ترى آثارها ولم يصل العلم الحديث إِلي ماهيته وكنه هذه العناصر لذلك كان مقداراً علم الغربيين بالروحنيات محدودا وقاصرا وفي إِبتدائه لانهم مازالو حيارى في بعض معضلات ماراوه من إِستحضار الارواح والتنويم المغناطيسي وعلم النفس والصراع لأن مسألة استحضار الأرواح إِلتبست عليهم جدا ففريق يكذبها بتاتا وفريق يؤمن بها إِلي حد محدود ويكلل تفسير ما أشكل عليهم فيها للمستقبل لفهمه وعلم حقيقته .
حقيقة الروح وماهيتها
   أما حقيقة الروح[40] وماهيتها فهي (جوهر نوراني غير قابل للتقدير أو الوزن أو الحصر الخاص بالمادة لطيفها وكثيفها منافية لجميع ما هو معلوم، عاقلة عالمة بذاتها وبربها علما ذلتيا بكليتها لانطباع جميع محيطاتها عن عالمها فيها انطباعاً تقابليا بالذات اذ هي وحدة لا تتجزأ فينطوى فيها كل ماحولها انطواء الصورة بالمرآة علي اقرب تشبيه ترى وتسمع وتذوق وتحس وتلمس بذاتها لا بحواس متفرعة كما للجسم، فتعلم بمقدار قوة امدادها من اصل منزعها من النور الاول الصادر من الالهي، واسبقيتها في الرتبة والصفاء اذ لكل روح قوة علمية ونورية تختلف عن الاخرى، وتتميز في الشكل النوراني واللمحة للتبائن والتعارف كما جاء في حديث عالم الذر (الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ)[41]، وهذه اللمحة والشبه الذي يظهر في ملامح الوجه البشري عند التخليق في الرحم قال تعالي: (هُوَ الَّذِي يُصَوِّرُكُمْ فِي الأَرْحَامِ كَيْفَ يَشَاء لاَ إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[42] وان الجسم ينشأ علي منوال تشعع الروح ذرة ذرة وان اختلاف قوة النور ومقداره هو العامل لمواهب الشخص في هذه الدنيا من قوة وضعف في المعلومات والمعارف اذ لكل روح طاقة  كما للجسم كل بماهيته والا كانت قد تساوت المعلومات وهذا محال في الابداع الالهي)[43].
  اذ لو كان الامر كذلك لتساوت مواهب الانبياء والحكماء بسائر مواهب الناس وهذا لم يحصل ولم يقل به اي عاقل، واختلاف هذا النور في ماهية الروح هو سبب نبوغ بعض الناس في المواهب مع تساويهم في الدراسة الا أن المتفوق منهم نصيبه من قوة النور في الروح اقوى ولذلك فاق أقرانه .
    وقد أخبر الامام مالك وهو فضلا عن كونه امام مذهب عظيم فهو من المحققين قال: ( ان الروح هي صورة نورانية علي شاكله الجسم تماماً )[44] ، والذي حققه أهل الكشف والشهود والفناء الكلي الذين ينخلعون من بشريتهم في لمحة ويرجعون روحاً مجردة ويسبحون في عالم الارواح وهم كثيرون في الأمة المحمدية في كل زمان ومكان، الروح المجردة التى راوها بروحهم علي أقرب تعبير ( هي ذر أو دائرة جوهرية نورانية من نور ليس له مثيل في عالمنا هذا وان هذه الجوهرة النورانية اذا اتجهت اليها بذات روحك المجردة في فناءك الكلي ترى بالشهود الذاتي ملامح الوجه الروحي النوري في هذه الدائرة النورانية علي ماهي عليه من كل جهة .
   وكل روح بمميزاتها وشبهها منطو فيها على جمبع اعضاء الجسم من تفس ذلك النور فى نفس الدائرة والزى ليس له قياس على ما تعلمه من قياس المواد بأنواعها كثيفها ولطيفها ونورها وظلالها، هذا وان تلك الذرات والدوائر الروحية النورية تختلف من قوة النور وضعفه كما قلنا لانه العامل الاساسى فى مواهب الشخص وفى الهاماته من خير وشر وايمان وكفر وعلم وجهل الخ، وكل ذلك يرجع لاصل  النزعة الروحية الاولى وما أعطيت من قوة  وضعف فى امدادها من النور الاول وهى درجات لانهايه لها بقدر ماخلق الله من خلق، قال صلى الله عليه وسلم: (إن الله تعالى خلق الخلقَ في ظُلْمةٍ ثم رشَّ عليهمْ من نُورهِ)[45] وهذه الارواح النورانية ممدودة من روح كليه نورانية كبرى هي الحقيقة المحمدية[46] الممدة لجميع الكائنات ملكها وملكوتها لطيفها وكثيفها فقه من فقه وجحد من جحد لا يهمنا في تقرير الحق لومة لائم أو جمود عقل جاهل، لذلك كانت أنواع الأرواح من قوة النور متفاوتة ويقدر اتصال الروح بهذه الروح الكلية تزيد معلوماتها وخوارق عاداتها لا تتقيد بزمان ولامكان بل هي حسب المراد الالهي وقد يزيد الفرع عن  الاصل بالعكس.
    وجميع فتح[47] الاولياء وكشفهم عن اسرار المخلوقات وعلومهم ومواهبهم مبني علي رؤية الارواح وعلم سر الروح ويعلم عنها ومن احوالها وماهيتها ومستقبلها ما تضيق به العبارة وكل ذلك بإرادة الله سبحانة وتعالي، اذا كانت روح الرائي أقل من الروح التي يراها فهي تحيط به هو لا يحيط بها وليس ذلك من الغيب في شئ في نفس الأمر بالنسبة للرائي وان كان غيبا للمحجوب اذ كيف يكون غيبا لمن يرى عيانا بآلة غير آلة العين، أما الغيب المطلق الذي استاثر به الله سبحانه وتعالي هو الذي لم يبرز من الذات الالهية لاي عالم هو الوارد في قوله تعـالي: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ)[48] أما ما برز لبعض العوالم الملكية أو الروحية فأجاز ذلك بمشيئته، قال تعالي: ( وَلا يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِنْ عِلْمِهِ إِلَّا بِمَا شَاءَ)[49].
خصوصية الروح
      خصوصية الروح والكشف[50] الذي ينبني علي إنطلاقها وتجردها من البشرية لكبار المرتاضين والمحققين من الصوفية والأولياء[51] لا نهاية له ولا حصر، انما يمكن ذكر الاشياء التي وقفنا عليها ممن ذكره الصوفية أوحصل لأرباب الانطلاق الروحي من معارفنا أوشاهدناه بأنفسنا .
   اولاً : من خصوصية الروح سماع الاصوات البعيدة كأنها قريبة في مجلس الانسان فقد كان النبي صلي الله عليه وسلم يسمع اطيط الفلك وهو جالس مع أصحابه وكان الوحي يأتيه بعض الحيان كصلصلة الجرس، وكان الشيخ عبد العزيز الدباغ يخاطب الشيخ منصور وهو بفاس والشيخ منصور بالبصرة جهة العراق، وكذا نداء سيدنا عمر ( يا سارية الجبل )[52] الذي سمعه علي بعد شاسع وغير ذلك مما ورد في مناقب الأولياء والصالحين .
 ثانياً : رؤية الاماكن البعيدة كأنها قريبة[53]، قال عليه الصلاة والسلام: (إِنَّ اللَّهَ زَوَى لِيَ الْأَرْضَ ، فَرَأَيْتُ مَشَارِقَهَا وَمَغَارِبَهَا)[54] ، وكان سيدنا ابراهيم عليه السلام يري الملكوت للسموات[55] قال تعالي: (وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ )[56] وكذلك سيدنا عيسي عليه السلام يري الملكوت وكذلك كل الذين ينامون نوماً مغنطيسياً يرون الأماكن البعيدة فيذهبون بأرواحهم في أقرب وقت كما هو معلوم .
   ثالثاً : حاسة الشم وهي شم ريح الانسان قبل حضوره بمسافة طويله كما شم سيدنا يعقوب ريح سيدنا يوسف عليهما السلام وأولاده حاضرين بالقميص الذي أعطاه لهم وقال: ( فَأَلْقُوهُ عَلَى وَجْهِ أَبِي يَأْتِ بَصِيرًا)[57] وهي خصوصية أخرى من روح يوسف وأبيه في رد البصر وحاسة الشم تزداد في جسمانية بعض الحيوانات كالخيل والنحل والقطط والكلاب وهي من قوة تفاعل أرواحهم لأن الحواس الخمس الفاعل فيها تشعع الروح في الجسد .
رابعاً : حاسة اللمس الروحية لا تتأثر بأقوى حرارة ولا أشد برودة فقد ألقى سيدنا ابراهيم فى النار فكانت برداً وسلاماً كما هو معروف وأن كانت قدرة الله تسع حفظ الجسد من النار وهذه الخصوصية أى خصوصية عدم التأثر بالنار حصلت لكثير من الصوفية كسيدى عبد القادر الكيلانى وسيدى محى الدين بن العربى وكثير غيرهم مما يضيق هذا المقام عن ذكرهم .
خامساً : حاسة الذوق فقد تتغير الطعوم فيها بحسب مراد الشخص ولايؤثر فيه الحار والبارد ولا السموم القاتلة ولا غيرها من المؤذيات كما أن ريق الشخص قد يكون شفاء لأمراض كثيرة مستعصية وغيرها كما هو حاصل فى معجزات حضرات الأنبياء وكرامات الأولياء ثقلاً ولمساً على العضو المصاب ورد الأكمة بصيراً وغيره، وقد ذكر عن كثير من محققى الصوفية مثل ذلك وكثير من المرتاضين فى الروحانية الحديثة أو لفطرة نشأة أرواحهم كانوا يشفون المرض بالدلك وتحديق النظر الممغنط روحياً وقد ذكر ذلك عن تجارب الروحانيين الغربيين فى ظروف خاصة محدودة .
سادساً : كلام الحيوانات والجمادات وغيرها بالخطاب الروحى الجامع للتفاهم العام لكل المخلوقات كخطاب حضرة النبى صلى الله عليه وسلم للجمل والغزالة واليمامة والضب وتسبيح الحصا والطعام بين يديه عليه الصلاة والسلام، ومخاطبة سيدنا سليمان للنملة والهدهد، وكان لا زال الى يومنا هذا كثيراً من محققى الصوفية يخاطب الحيوانات والنبات كسيدى عبد الرحيم القنائى فان شجر غيطه كان يخاطبه بما يطلبه خطاباً روحياً، وسيدى أحمد الرفاعى فى مخاطبة الثعابين وغيرها، وهذه المخاطبات على ضربين ضرب بالنطق الصريح باللفظ وضرب بفهم المراد بين الروحين بمجرد أيماء أو أى صوت من حيوان وجماد وهى بمثابة انتقال الأفكار بالمراد بالاتصال الروحى .
سابعاً : الانتقال لجهات بعيدة جداً فى لمح البصر تارة بالجسم كله وتارة بالجسم الروحانى الأثيرى كاسراء جميع حضرات الانبياء بأجسامهم البشرية وانتقال الصوفية لجهات بعيدة جداً فى لمحة قصيرة هو مشهور ومذكور فى كتبهم وقد سمعت كثيراً وشاهدت فى عصرنا هذا بخلاف الروحانية الحديثه فلم يعرف عنهم ذلك مما يدل على أنهم الآن فى ابتداء الروحيات[58] .
    هذا وقد أخبرنى أحد الأصدقاء[59] ممن أثق فى دينهم وصلاحهم بأنه بينما كان فى بلدة ما فى السودان لفت وجهه أحد الصالحين[60] بيده وقال له هذه بلدة كذا وهذا منزلك قال فرأيت منزلى وبعض أقاربى الذى ناديته وسمع صوتى ذلك الشخص ثم لفت وجهى فاذا أنا بنفس البلدة التى كنا فيها ولم تحصل أى حركة غير لفتة الوجه من جهة لأخرى، وغير ذلك كثير جداً مذكور فى طبقات الأولياء من رؤيتهم فى الحجاز والقدس وغيرهما على غير انتظار ثم يختفون من هذه الاماكن ويوجدون ببلادهم فى أسرع وقت واذا سألت عنهم فى بلادهم يقولون أنهم لم يسافروا واذا سالت من رؤاهم فى الجهات التى سافروا اليها يؤكدون وجوههم .
أصناف النفوس البشرية:
     ذكر بن خلدون فى مقدمته[61]عن أصناف النفوس البشرية وهى الأرواح انها ثلاثة اصناف: صنف عاجز بالطبع عن الوصول الى الادراك الروحانى فيقطع بالحركة الى الجهة السفلى نحو المدارك الحسية والخيالية وتركيب المعانى من المحافظة والواهمة على قوانين محصورة وترتيب خاص يستفيدون به العلوم التصويرية والتصديقية التى للفكر فى البدن وهذا نطاق الإدراك البشرى الجسمانى واليه تنتهى مدارك العلماء وترسخ اقدامهم .
   وصنف متوجه بتلك الحركة الفكرية نحو العقل الروحانى والإدراك الذى لا يفتقر الى الآلات البدنية بما جعل فيه من الاستعداد والفطرة فيتسع نطاق إدراكه عن الاوليات ويسرح فى قضايا المشاهدات الباطنة وكلها جدران لا يطاف بها وهذه مدارك الأولياء والصالحين أهل العلوم اللدنية والمعارف الربانية[62] .
   وصنف مفطور على الإنسلاخ من البشرية جملة على الملكية من الأفق الأعلى ليصير فى لمحة ملكاً بالفعل ويحصل له شهود الملأ الاعلى فى أفقه وسماع الكلام الروحانى والخطاب الالهى فى تلك اللمحة وهؤلاء هم الأنبياء صلوات الله عليهم واكابر الأولياء من أهل الشهود جعل الله لهم فى هذا الانسلاخ من البشرية فى تلك اللمحة فطرة فطرهم الله عليها التى لاتنفك عن ذاتهم العلية مزية الصدق والأمانة والفطانة وهى مدار النبوة والرسالة فهم خير خلق الله المصطفين[63] .
    ومن ذلك تعلم أن حضرات الانبياء عليهم الصلاة والسلام لم يتلقوا الوحى ولا أسرى بهم ولا عرجوا الى الملأ الاعلى ولا اتو بالخارق المعجز الا بعد التجرد الفطرى والانسلاخ من اللبوس البشرى والتحقق بمقام العبودية لله عز وجل الذى هو أعلا المقامات، وكذلك الأولياء الذين منحوا كرامة الخارق من العادات لا يمشون على الماء ولايطيرون فى الهواء ولا تطوى لهم الارض ولا يجوبون الطول والعرض ولا يتحدثون بالمغيبات ولا يشفون العلل المستعصية الا بعد التجرد من الاكدار الطبيعية والعوائق البشرية والتحقق بمقام وراثة العبودية النبوية بالرياضة والذكر وتحمل الاذى والصبر على البلايا[64] .
تفاوت الأرواح فى الانسلاخ عن البشرية:
      اعلم ان انسلاخ الروح من لبوس البشرية وعوائق الطبيعة الجسمانية يقع على وجوه شتى وفى حال دون حال فبعضهم يقع له انخطاف مع ذهول قوى أو ضعيف وبعضهم يكون صاحياً منتبهاً، وأكمله مايقع للشخص مع حفظ ناموس الطبيعة ورسوم الشريعة فتجده وهو فى هذه الحالة يأكل ويشرب ويبيع ويشترى ويصلى ويصوم ويزكى ويحج ويعامل الناس بأنواع المعاملات على وحه أتم واكمل جامعاً بين المشهدين قائماً بأحكام كأن روحه تشهد ما هناك وتحفظ ما هنا أى أن باطنه حق وظاهره خلق وهذا النوع من الانسلاخ يقع لحضرات الانبياء والكمل من الأولياء الوارثين أصحاب التمكين[65] وهم منتشرون بين العباد لا يعرفهم الا القليل وأن دون ذلك مراتب متفاوته وأنواع شتى لا يعلمها الا الواجدون وبالجملة فالانسلاخ الروحى عن البشرية يرجع الى تجرد الروح ونزوعها الى مبدئها الأول وعالمها الروحانى يخلع صورة وليس أخرى من تطورات النفوس فى حركاتها الصاعدة وتتمثل فى عالم الظهور بأمثال متابينة عكس نشأتها الطبيعية وأطوارها البدنية[66]، ومن طالع كتب الصوفية وتأمل فيها وقف على كثير من غرائبهم، ولا أظن القارئ بعد هذا الاسهاب والشرح العلمى الحديث والقديم أن يقيم عذراً للمحجوبين المساكين أن يعودوا الى انكار كرامات الاولياء أو يرتابون فى معجزات الانبياء عليهم الصلاة والسلام والله يهدى من يشاء الى صراط مستقيم[67].
تعلق الروح بالبدن حالة النوم:
       تبقى الروح[68] الانسانية متعلقة بالبدن حالة النوم تعلقاً دون تعلقها أثناء اليقظة بقدر ما يتخيل من التفاوت بين حالة الشخص فى نومة وحالته فى يقظته فهو تعلق جزئى بين اتصال من وجه ومفارقه من وجه[69]، وذلك أن الروح الحيوانى المنبعث من التجويف المتلبس فى سائر أجزاء البدن اذا انكمشت ناحية القلب وهدأت حرارته الطبيعية خمدت الحواس تبعاً لذلك وفترت القوى التى هى آلات التدبير والتصرف فتتمكن النفس من مفارقة البدن مفارقة جزئية أى بقاء نوع اتصال بالبدن لحفظ حياته وتدبير لما يحتاج اليه فى هذا الموطن وهو التنفس وحفظ الدورة الدموية، ومعلوم أن هذه الحياة دون الحياة اليقظة وانهما يتفاوتان قوة وضعفاً تفاوتاً يرجع الى التفاوت بين درجتى التعلق اليقظى والنومى وآثارهما المختلفة، ومن هنا قيل ان النوم هو مفارقة الروح للبدن مفارقة جزئية أو فترة طبيعية تهجم على الشخص وتمنع حواسه الحركة وعقله الإدراك ويسمى الموت الاصغر وهو اقسام ثقيل وخفيف وطويل وقصير كما قال الفقهاء الشرعيون وبنوا على ذلك أحكاماً .
      والطبيعيون أهل صناعة التنويم المغناطيسى وغيره يقولون أن الإنسان اذا نام خرجت روحه التى يعقل بها الأشياء عن البدن وهجعت عن تدبيره ولها شعاع متصل به يعبر عنه بالسيل الحيوى الكهربائى فيرى الرؤيا بتلك الروح وتبقى الحياة ومايتبعها من آلات وقوى، واذا مات فارقته النفس مفارقة كلية[70] وتلاشت روحه الحيوانية وهى البخار الذى فى قلب تجويف القلب وينتشر فى جميع أجزاء الجسم والذى خدع فيه بعض الأطباء وظنوه الروح الانسانى وعلماء الشريعة والفقه على هذا المعنى الا انهم لم يعللوا هذا الفتور الطبيعى المؤدى الى تلك المفارقة باكثر من ان عمل اليقظة كان موجباً لكلال الاعضاء والقوى واحتياج البدن الى السكون والراحة لتعويض ماتحلل منه، فالنوم عندهم كمقدمة بعث جديد لتلك القوى ولذا قيل انه محلل للفضلات مزيل للتخمة مكمل للهضم مريح للنفس والبدن .
      والطبيعيون الباحثون فى مظاهر النوم يعللونه تارة بان عمل اليقظة يولد مواد حمضية تجلب تجلب الشعور بالنوم ويفتر به الجسم وتارة بتأثير المواد القلوية وبه أى النوم تفرز تلك المواد فى الجسم ويزول الإضطراب والتعب الذى حصل له وتارة بشحن المخ بمستخلصات الافراز السمية وذلك كله لايتنافى مع ماذكره علماء الاسلام الذين لا يعنيهم البحث فى فعل هذه الاسباب وعلى كل حال فالروح لا تزال متعلقة ببدن النائم حافظة لحياته مدبره لشؤونه اللائقة فى هذا الموطن، ثم انها فى الوقت نفسه تسبح للاتجاه لعالمها العلوى التى نشأت منه وهو الامر الاول والروح الكلية وبقدر تخلصها من كدورات الجسم وصفائها وتقتبس من عالمها الاصلى معلومات ومعارف حاضرة ومستقبلة وهى المبشرات وهذا وجه أخذ منه كثيرون علوماً ومعارف وأسرار وقد ذكر بقراط الحكيم انه أخذ علومه الكثيرة من هذا الوجه وكثير من الصالحين أخذ علومه منه واذا صحت الرؤيا بلا تاويل كانت نوعاً من التنويم المغناطيسى .
الرؤيا المنامية والروح:
          الرؤيا[71] المنامية من خصائص النفس الانسانية وقد جعلها الشارع من المبشرات فقد قال صلى الله عليه وسلم: (لَا يَبْقَى بَعْدِي مِنَ النُّبُوَّةِ شَيْءٌ ، إِلَّا الْمُبَشِّرَاتُ " . قَالُوا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الْمُبَشِّرَاتُ ؟ قَالَ : " الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ يَرَاهَا الرَّجُلُ أَوْ تُرَى لَهُ)[72]، وقد تكون الرؤيا من غير قصد وقد تكون بقصد عند النوم وشغل النفس بها وقد تكون بسبب ادعية وأذكار و آيات تتلى عند النوم وكلها من الابحاث الروحية العاملة على انطلاق الروح لعالمها الأول فيرى الانسان ما يتشوق اليه ويقصده اما بعينه أو بمثاله، فان الرؤيا قد تكون بالخيال والمعنى أو بالشهود الروحى عند انطلاقها وقد يكون المنام صريحاً لا يحتاج الى تأويل أو تفسير أو عكسه، كما أن التفسير والتأويل يختلف بإختلاف الازمنة والامكنة والفصول واحوال الاشخاص وما اعتاده الرائى من تصور المعانى وما أخذ من عالم المعانى وتأليفه، وتارة تصدق الرؤيا وتارة تكذب تبعاًُ لهدوء الجسم وإضطرابه فان كذبت وتشوشت الحوادث بما لا يفهم كانت أضغاث احلام . والرؤيا على ثلاثة انواع، رؤيا من الله ورؤيا من الشيطان ورؤيا من حديث النفس .
      والرؤيا الصحيحة أقسام منها الهام يلقيه الله سبحانه وتعالى فى قلب العبد فى نفسه وروحه من غير سماع صوت أو حرف وهو للانبياء وحى لا شك فيه كما فى رؤية سيدنا ابراهيم عليه السلام فى ذبح أبنه اسماعيل عليه السلام ومنها نوع مثل رؤيا عزيز مصر التى فسرها له سيدنا يوسف عليه السلام ومنها التقاء روح النائم بارواح الموتى من أهله أو الصالحين ومنها عروج روحه الى الملأ الأعلى وخطاب الحق له بحالة فهوانية لا تكيف ومنها دخول روحه الجنة أو غيرها من العوالم الغيبية ومنها أن يرى النائم غيره من الأحياء يحدثه وبينهما مسافات بعيدة ومنها الهامات ملك الالهام يأت للشخص فيعلمه شيئاً أو يحذره من شئ أو يخبره بأخبار من الغيب، او رؤيا رجل صالح يتوب على يديه من ذنوب حصلت وهى نعمة من الله او من يدله على مصالحه الدنيوية والأخروية أو الأسعار أو يدله على كنز أو دفين أو شئ تائه، قال عليه الصلاة والسلام (الرُّؤْيَا الصَّالِحَةُ جُزْءٌ مِنْ سِتَّةٍ وَأَرْبَعِينَ جُزْءًا مِنْ النُّبُوَّةِ)[73] ، وكلما صفا الباطن انكشف فى حدقة القلب بواسطة شعاع الروح ما سيكون فى المستقبل كما انكشف دخول مكة لرسول الله صلى الله عليه وسلم فى قوله تعالى (لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيَا بِالْحَقِّ لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِن شَاء اللَّهُ آمِنِينَ)[74]، وبالجملة فعالم الرؤيا عالم واسع لا تنتهى أطرافه فمن اراد الزيادة فى فهم علم الرؤيا فليرجع الى كتاب تعبير المنام للشيخ عبد الغنى النابلسى وبهامشه تفسير الأحلام للامام بن سيرين .
حقيقة الجن
    هذا البحث يشرح حقيقة الجن[75] ومايتصل بها من علاقات بينه وبين الانسان فيما يدعون انهم متصلون بالجن قد دوناه تقريراً للعلم الصحيح وقطعياً لا دعاءات المدعين باتصالهم بهذه العوالم المجهولة التى كثر مدعوها وتحديد الفاصل بين الصحيح والمزيف مستعينين بعلوم القرآن والسنة المحمدية وأقوال وافعال واحوال المحققين من أساطين هذا العلم خصوصاً من اتصل منهم بالجن أو سخره الله لهم فى الماضى والحاضر .  خلق الله عز وجل الجن قبل أن يخلق الإنس بمدة لا يعلم زمنها إلا الله عز وجل حيث يقول جل شأنه: ﴿وَلَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسَانَ مِن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ * وَالْجَآنَّ خَلَقْنَاهُ مِن قَبْلُ مِن نَّارِ السَّمُومِ [76].، وهذه القبلية معناها الفترة الزمنية التي عمر وسكن فيها الجن الكوكب الأرض قبل الإنسان، وقال سبحانه وتعالى كذلك:﴿وَمَا خَلَقْتُ وَالْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ[77]،  يقول الألوسي عن هذه الآية الكريمة {ولعل تقديم الجن في الذكر لتقدم خلقهم على خلق الإنس في الوجود}[78]. وقد ورد عن بعض الصحابة تحديد هذه المدة منهم عبد الله بن عمر حيث يقول: {كان الجن قبل آدم بألف عام فسفكوا الدماء فبعث الله إليهم جنداً من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور}[79].
ماهية الجن :  
      الجن نوع من خلق الله خلقه الله من النار كما خلق الانسان من التراب وهما الجنسان المكلفان بعبادة الله سبحانه وتعالى مع الملائكة كما جاء فى الكتب السماوية جميعها وخاصة ما جاء فى القرآن، فالجن خلقوا من مارج من نار والمارج هو الشعلة الزرقاء التى تتولد فى المادة الملتهبة قبل ان تتاجج بقوة الاشتعال قال تعالى: (وَخَلَقَ الْجَانَّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ)[80]، وبعد أن خلق من المارج الذى هو النار الزرقاء الحاصلة بين الرطوبة والحرارة تطور الى ان صار جسماً أثيرياً لا يرى بالأعين البشرية كما تطور سيدنا آدم عليه السلام من مادة الطين اللازج والحما المسنون الى أن صار لحماً وعظماً كما هو معلوم والمادة الاثيرية مائلة للسرعة وهى أخف وأدق من الهواء بدرجة لاتحصر فى القياسات الفكرية المعروفة وتخلل المواد الكثيفة لانها سر الكهرباء والمغنطيسية اللذان لم يكشف العلم عن غوامضها للآن كما هو مشاهد فى بموجات الراديو وسرعة حيث لا تمنعها الحواجز والأبعاد المتناهية كما هو مشاهد فى عصرنا هذا وملحوظ[81] .
    فالجن من مادة الاثير ولهم السيطرة على نفس الأثير فى الحركة والجولان والسرعة لأنهم أرواح عاقلة كما أن للإنسان الحركة والسير على الارض التى خلق منها ولكن حركات الإنسان بطيئة نظراً لثقل وحركات الجن سريعة لقربهم للحالة الروحية لأن مادة الأثير أخف من الهواء بدرجة لا يتصورها العقل، وبما أن الانسان وان كان صنفاً واحداً من جهة التربة التى نشأ منها إلا أنه متنوع الميول والغرائز والطباع بحكم مادة العنصر الترابى وتعدد نوعه الذى تكون منه والده وهى الحالة الميراثية للطبيعة البشرية، كذلك عنصر المارج والنار التى خلق منها الجن مختلف الدرجات فى العنصرية والله سبحانه وتعالى خلق الجن مختلفى الميول والغرائز كالانس سواء بل أن بعضهم خلق من نار السموم وهم الشياطين والمرده وأقوياء الجن ومنهم ابليس اللعين .
    ولما كانت طبيعة الهبوط نظراً لثقله كانت طبيعة النار الصعود للعلو لذلك كان الجن ميالين للكبرياء والعظمة حتى على خالقه كما جاء فى القرآن من قول ابليس اللعين (خَلَقْتَنِي مِنْ نَارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ)[82] ، لما امره بالسجود وابى مدعياً أنه خير من آدم وهو قياس فاسد كما لا يخفى، ومعلوم أن سجود الملائكة لآدم كان لصنع الله فى آدم لا لنفس آدم عليه السلام لأنه لا يعبد الا الله ولا يسجد الا لله، والنار من مارج وسموم وغيرها درجات وأنواع كثيرة لذلك كان الجن مختلفى العقائد والأهواء والنزعات والميول كإختلاف بنى آدم سواء بسواء كما سبق .
مساكن الجن وإقامتهم:
       إذا كان الإنسان مخلوقاً من مادة كثيفة فيجب أن يركز فى مادة كثيفة  مثلها كالارض ومحتوياتها وبما أن الجن مخلوقون من مارج من نار وهو اللهيب الذى تطور إلى أثير فاستقراره وسكنه يكون فى نفس الاثير الذى تطور إليه والأثير كما بيّننا هو مادة أخف من الهواء ومالئة بجميع العوالم فالجن مع الأثير حيثما وجد فى السماء أو فى الأرض أو تحت الأرض أو البحار او الصحارى والقفار وهو مع الانسان حيثما وجد لأنه فى الهواء ولكننا لانراه لطبيعة تكويننا المادى وتكوين نظرنا بجهازه المعروف.
       والجن لهم أماكن إجتماعية خاصة من بلاد وأمصار تكون فى فضاء الأثير وتحت الأرض وفى البحار والصحارى المجهولة وأطراف الأرض واعالى الجبال لأنه بحكم تكوينه سريع التنقل من جهة لجهة فى أقرب وقت كسريان الموجه الأثيرية الكهربائية ومعلوم أن الموجة تسرى فى العالم دقائق قليلة، والجن أصناف كثيرة جداً فبعضهم مقيم مع الإنسان حيثما وجد فى منزله ومحال أعماله وأشغاله فى كل البلدان وهم المعبر عنهم ( بالعمار )[83] وبعضهم وبعضهم يختص بالبحار والانهار وبعضهم فى الصحارى والقفار وبعضهم يختص بالهواء فقط وهم ( الطيارون ) ومسترقوا السمع وبعضهم ملازم لنفس الانسان كظله وهم القرناء، قال صلى الله عليه وسلم: ( ما منكم من أحد الا وقد وكل الله به قرينه من الجن قالوا وأياك يارسول الله قال وأياى الا ان الله أعاننى عليه فأسلم فلا يأمرنى إلا بخير )[84] فإذاً الجن محيطون بالانس لأنهم مع الاثير والهواء حيثما وجدوا وابليس رأس الجن وكبيرهم بل هو الشيطان الاكبر وقد جاء فى القرآن العزيز فى هذا الصدد (ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمَانِهِمْ وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ وَلَا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شَاكِرِينَ[85]أى أن الجن محيطون بالانسان وهم فى نفس عالم الاثير وفى نفس الأرض وطبقاتها السبعة غير متأثرين بالحرارة التى بها لأنها هى اصل عنصرهم كما تقدم .
غذاء الجن:
      الجن مادة لطيفة أثيرية فغذاؤهم مادة قريبة لماهيتهم ولطافتهم بحكم المطابقة الخلقية فالإنسان مادة يأكل مادة والجنة مادة أثيرية هوائية يأكلون ويتغذون بما يتولد من الهواء الثقيل نوعاً ما فغذاؤهم الأبخرة المتولدة كالغازات المتولدة من الأطعمة والمياه المتبخرة ولذلك جاء فى الحديث النهى عن التجمر بالعظم والروث لانهما من طعام الجن اى ان الجن يتغذون بالابخرة التى تتصاعد منهما لاننا نشاهد الروث والعظم موجدين دائماً حتى يتلاشيا بواسطة الانسان من حريق أو أى نوع آخر من الفناء فاذا المقصود من غذاء الجن هى الابخرة - لذلك كان استدعاء الجن بواسطة الابخرة العطرية وغيرها فى النار كانت كوليمة غذاء للمدعوين كل يحب مايشتهى ويريد من انواع الابخرة فالطبقة الراقية الابخرة الجميلة ذوات الروائح الجميلة والطبقة غير الراقية غير ذلك من انواع الابخرة لانه كما ان الانسان يتنوع فى طعامه وشربه بحسب البيئة والامصار فكذلك الجن يتنوعون فى طعامهم .
الحالة الاجتماعية للجن:
   الجن عالم كبير غير منظور له اقاليمه الاثيرية والارضية وله مدن وملوك وصناعات وزراعات تلائم طبيعته .
جاء فى كتاب على حافة الاثير للاستاذ فهمى ابو الخير الذى ترجمه عن الروحانيه الحديثة بشأن اثبات العوالم الروحانية بان الطرق العلمية الحديثة ان بعض السواحين الذين ارادوا الصعود لقمة جبال همالايا أنهم بعد الصعود الى مسافة طويلة لم يصل اليها غيرهم شاهدوا قصراً جميلاً وحديقة غناء بها نساء جميلات ولمسوا الحديقة والاشجار بايديهم ثم  ماليثت بعد فترة ان زالت من امامهم ولم يروا لها اثراً مما ادهشهم وجعلهم فى حيرة من تعليل لذلك والواقع ان هذا القصر وهذه الحديقة لاحدى عائلات الجن الساكن فى هذه القمة وهما من الاثير وظهور المادة الاثيرية بحالة الجن اصبحت قريبة الفهم لمن شاهد شاشة السينما اذ انها من تفاعل الضو والكهرباء اللذين هما من نتائج الاثير من شدة الحركة والتوج تظهر الاشكال على الشاشة بحالة محسوسة وتشاهد بلاد واقاليم وبحر وحوادث كما هو معلوم واذا انقطع التيار الكهربائى زالت المشاهد لابد من وجود ظلام لا مكان ظهور النور بالطبيعة فالسينما جزئية ضئيلة من عالم الاثير فكيف بالجن العقلاء الذين ملكوا ازمة الاثير بطبيعته وفطرته، وظهور الجن للانس ياتى بجملة عوامل .
   ذكر بعضهم فى ترجمة سيدى عبد القادر الجيلى ان احد اتباعه خطف ابنته جن فذهب هذا الشخص للشيخ عبد القادر واخبره بالمسألة فقال اذهب الى الجهة الفلانية وخط فى الارض خطاً وقل على نية عبد القادر وفى الساعة الفلانية من الليل يمر عليك قوم ومعهم ملكهم فاخبره بالموضوع فذهب الرجل وعمل ما امر به فنظر مواكب من اصناف شتى وبعضهم على خيل الى ان اتى ملكهم فتقدم اليه واخبره بالقصة فسال بعض كبار رجاله وهم كالوزراء له فاحضروا الجن الخاطف والبنت فوراً وعوقب الجن الخاطف وسلمت البنت لوالدها فعاد بها[86].
   وجاء ايضاً فى اخبار بعض المسافرين بالقوافل فى صحراء اليمن انه بينما مانوا سائرين ظهر لهم ثعبان عظيم فقتله احد الناس من القافلة ولم لبث الا قليلاً واختطف بقوة ايد مجهولة وهو لايستطيع الامتناع ولا احد امكنه اغاثته الى ان اختفى عن اعينهم حيث وجد نفسه فى مدينة لها سواقها ومبانيها وشوارعها وما الى ذلك واناسا يبكون ويقول بعضهم له قتلت اخى وآخر يقول يقول قتلت ابن عمى واخرى تقول له قتلت زوجى وهكذا وهو محبوس فى حراسة اثنين من الشرطة الى أن مال اليه أحد الجن الذى أشفق عليه وقال له قل للجماعة ( أنا ومحاكمة الشرع ) وعندما طلب منهم ذلك ساقوه الى قاضى عظيم عندهم فى هيئة محكمة فقال له انت قتلت فلانا قريب هؤلاء الجماعة فقال لا ادرى من ذلك شيئاً غير أننا نسير فى جهة كذا فخرج علينا ثعبان عظيم افزعنا فهجمنا عليه وانا قتلته لاننا مامورون بذلك فى شرعنا ولم اعلم بانه جن فقال القاضى وكان مسلماً والقوم كذلك مسلمون قال عليه الصلاة والسلام     ( من تزيا بزى غير زيه وقتل فلا دية له ولا قود ) أرجعوه مكان ما احضرتموه اذ ليس عليه شئ، وقد اخبر هذا الشخص انه مكث عندهم ثلاثة ايام أحضوا له طعاماً لم يعرف منه غير اللبن الذى اكل منه وترك الاصناف الاخرى وكان يسمعهم يتخاطبون بجملة لغات وباللغة العربية ايضاً وكانوا يصلون ولهم اسواق وبيع وشراء وبهائم ودواب كما ان من بينهم اشكال اخرى غير مسلمين .   
خبرة الجن في العلوم والمعارف:
  الجن يحكم فطرته قريب جداً لفهم خواص المواد لتخلله اياها خوصا المتدينين منهم يعملون في علم الطب وفهم امراض الانسان بما لا يستطيعه الانسان الا بمعونة الاله والاشعة وهم اغنياء عنها بنشأتهم اذ يرون اعضاء جسم الانسان الداخلية بما يغنيهم عن الاشعة الكهربائية والسماعات وماليها مما يحتاج اليه الانسان – لذلك ثبت كثيراً في جملة حوداث لمن اختلطوا بصالحي الجن ان استفاد منهم شفاء مرضي واحضار ادوية وعقاقير من بلاد وجهات بعيدة كان فيها الشفاء وهي حالة لم يستغلها من اتصل بهم الابعض اناس الي حد محدود جدا فكانت خسارة علي بني الانسان لا تعوض، هذا وان للجن باع طويل في اكتشاف مجاهل الارض والبحار قال تعالي في شأن سيدنا سليمان عليه الصلاة والسلام (يَعْمَلُونَ لَهُ مَا يَشَاءُ مِنْ مَحَارِيبَ وَتَمَاثِيلَ وَجِفَانٍ كَالْجَوَابِ وَقُدُورٍ رَاسِيَاتٍ اعْمَلُوا آلَ دَاوُدَ شُكْرًا وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ‏)[87]الي ان قال تعالي (وَمِنَ الشَّيَاطِينِ مَن يَغُوصُونَ لَهُ وَيَعْمَلُونَ عَمَلًا دُونَ ذَلِكَ وَكُنَّا لَهُمْ حَافِظِينَ)[88] ، وكما اسلفت لم يستغل منهم هذه الناحية انسان لان اغلب المختلطين بالجن صنفين لا غير رجل ورع صالح لا يختلط به الا الضرورة ملحمة او يستخدمة في شأن عمل صالح عام لا يقدر عليه الانس، وغرض ذلك الرجل الصالح من الاختلاط مع الجن هو الهدايه والارشاد اللذين هما جل مقصده في جميع الحالات التي تعرف فيها بالجن . 
    والصنف الاخر رجل جاهل عثر  على فائدة من الاتصال  بالجن او باى سبب اخر جاءه مصادفة فاستعمل  هذا الاتصال لماربه الشخصيه او الحصول على بعض ارباح بسيطة من الناس الذيت يؤدى لهم بهض المصالح الشخصيه هذا يؤسف له كثيرا من اهمال هذه الناحية التى قد تفيد العالم الانسانى افاده  لاتقدر بثمن فلله قى ذلك حكم .
   ومن الجن علماء بالله وشعراء  لهم كثير من الفنون وبغلب على الجن لهجة  السمع والشعر فى محادثاتهم لقربها من الموسيقى التى لهم فبها باعا طويل  وانغام لاحصر لها نساء ورجالا ولهم الات موسيقية فى غاية من الغرابه و الدقة .
كيف يرى الانسان الجن:
   جعل الله عنصر الانسان بمعزل عن رؤية عنصر الجان وهذه هى القاعدة العامه او التظام العام او سنة الله فى خلقه، الا انه مع هذه القاعدة يوجد الاستثتاء بتقرب احد الاعنصرين للاخر اما ان الانسان يخفف من بشريته  وبرققها ليرى الجن فى حاله من الحالات الرياضية او التعبدية او يتشكل الجن عن طبيعتة الاثريه فيصير ماديا فيراه الانسان، اما  كيفية ترقيق البشريه فمعلومه فى الوسط الصوفى من سلوك ورياضة وسياجها  الذكر والفكر وتفليل  الغذاء  مع  السهر  وهى طريقه  معروفه لاربابها  منذ  اجيال  ومعروفه  بوسائل  اخرى  عند  زهاد الهنود وقدماء المصريين  وكهنتهم فاذا  سلك الانسان هذا المسلك تطورة بشريته الى  حاله  روحانيه وقرب من عالم الاثير وهو المعروف عند الصوفية بعالم الظلال او المثال وشاهد من هذا العالم الجن وغيره من غرائب المخلوقات غير المنظورة حتى ان بعضهم اذا اجتهد وكان ذا روح عاليه يري الملائكة ويخاطبهم وقد جاءت بذلك الاخبار في الاحاديث الصحيحة ومن أطلع علي كتب الصوفية المحققين العارفين اوجالسهم واخلص في صحبتهم علم ذلك بوضوح .
   اما كيفية تشكل الجن بصور حسية مرئية فهو ينحصر في ان الجن يتخيل الشكل الذي يريده فيحصل له في الحال كما يتخيل الانسان انه في حالة معينه فيراها بخياله ويعوقه جسمه الكثيف من ان يكون فيها الذات ولكنه يراها بخيال الفكر الذي هو صفة الروح ولكن الجن يتحول اليها بالذات لانه مادة اثيرية يتحول بسرعة البرق كما يريد كما ترى ظهور الصور علي الشاشة البيضاء في السينما بمجرد تسلط الاثير والكهرباء وكما ان الانس يخشي الجن من السطو عليه وإيذائه كذلك الجن يخشي الانس لما يعلمه من ان منهم علماء يقرعون بالشهاب الروحية الاثيرية وهي كالسهام وسلاحاً لصد ايذائهم والانتقام منهم ولا يتصدر لايذاء الانس الا الاشقياء والجهلاء اللادينيون في الغالب .
مس الجن  وكيف العلاج:
كثيراً ما نجد اناسا اعترتهم نوبات عصبية وأحوال غريبة يجار فيها الطبيب البدني ولا يعرف كيف يعللها وفي بعض الأحيان يتلفظ الانسان بالفاظ واصوات غير مفهومة وقد تشتد الحالة علي الانسان فتقضي عليه وهذه هي حالة مس الجن وكيفية ايصال التيار الناري الجن الي الانسان الي قلبه واعصابه هو بمثابة تسليط التيار الكهربائي علي الانسان فحيصل له التشنج والاضطراب والصعق وهي نفس الحالة تحصل من مس الجن، ولما كان المس عبارة عن تيار اثيري فيمكن ان يؤثر في الاعصاب والشرائين تماما ويجري في الانسان كمجري الدم كما جاء في الحديث: (إِنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنَ الإِنْسَانِ مَجْرَىَ الدَّم)[89] صدق رسول الله صلي الله عليه وسلم، ومعروف ان القلب هو عقده الاعصاب وموزع الدم للشرائين فكان محل ضغط اللمس في القوى الجسمانية بل العقلية والخيالية لذلك كان الملموس فضلا عن حركاته العنيفة يهزي بالفاظ غير معقولة او مفهومة او لغات اخرى ونبرات غير نبرات صوتة فعلاج هذه الحالة يجب ان يكون من نفس نوع هذه الطوارئ أي بارسال شهب أثيرية من روح قوية تنلوا الفاظ تعبدية مستعينة بالله بان يمدها من الروح الكلية قوة لطرد هذه العوارض الجنية واذا كا التالي من ذوي الارواح العالية لا يأخذ كبير وقت وربما أحرق الجن او عاقبه باي وسيلة من وسائل الرجم الروحي وهي شهب النور كما جاء في القرآن الكريم لمسترقي السمع من السماء (فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ)[90] وقد ينكر كثير من الناس مس الجن للانس مع شيوعها واعتراف بعض الغربيين بها نظرا لما تبينوه من بعض حوداث الروحانية الحديثة كما جاء في جميع الكتب المقدسة، قال تعالي (الّذِي يَتَخَبّطُهُ الشّيْطَانُ مِنَ الْمَسّ )[91].
   وقد انفرد كثير من شيوخ الصوفية بالتخصص لهذه الامراض والاختلاطات الجنيه وحصلت علي ايديهم نتائج باهرة من شفاء الملموسين، نعم قد يوجد بعض جهلاء تعرضوا لهذا الامر واساءوا استعماله بجهلهم ولكن الراسخون فيه كثيرون ولوبحثنا معظم مرض المستشفيات العقلية لوجدنا غالب من هم بها ملموسون من الجن وعلاجهم يجب ان يكون بالطريق الروحي لا البدني .
   قد يوجد في بعض الناس خاصية رؤية الجن بالجبله والتأثير فيهم بدون كبير عناء وتكثرهذه الخاصية عند من كانت روحه قوية اما مسألة حرق الجن بالوسائل الطبيه ( الكهربائية ) التي توصل اليها الطب الحديث فهذه الاحوال مع نجاحها في بعض الاحيان يعزى ذلك الي الحقيقة في معنى المثل السائر الذى يقول: ( لا يصهر الحديد الا الحديد ) اى لا تحرق النار الا بالنار، فالوسائل الكهربائية تؤثر في الجن الذى يتلبس بالانسان لأنه يتغذى من دمه بحكم سريانه حتى أصحبت حالته أقرب الى المادية الأثيرية اى ان حالته الأثيريه أصبحت تتضاءل بحكم خروجه منها وتلبسه بجسم الانسان فاعلم هذا الشرح جيداً .
أنواع الجن:
   الجن لغة هو الشئ الخفي المظلم ويقال جن الليل أى اظلم طبيعة اجسام الخلقية بعد التطور من النار الى التسوية الاثيرية نفخ الروح فيه هو أن يكون شخصية تشبه الانسان من جهة وضع الاجمالى فانه طول الانسان الا انه مكون من جلد أسود رقيق علي هيكل عظمي خفيف وعيونه منحرفة جهة الجبهة كعيون اليابانيين وله أذنان الا انهما مدببين كاذنان القطط او الخيل يديان طويلتان نوعا ما عن يدي بني آدم واصابعه طويله عن اصبع بني آدم واصابع رجليه مدببه ولها بوز من الوسط كبوز النعل المسمي (بالمركوب )[92]، وجلده يشبه جلد الجاموس اسود خفيف الشعر هذا هو الوضع الطبيعي لغالب أجسام الجن قبل ان يتشكلوا لصور اخرى من الحيوانات وغيرها من المناظر المريعة، انف الجن في غالب الاحيان كبيرة ومكورة في وسط وجهه بريق عيونه مثل برق النار وانفاسهم حارة ولهم روائح كبريتية زرنيخية لذلك لا يطيقهم الانس بسهولة عند المخاطبة، وشكل الجن في الجملة كشكل عبد قزم ربعه مشوه الخلقة نوعا ماعارى  لذلك لا يطيقهم الانس بسهولة ن المخاطبة وشكل الجن في الجملة كشكل عبد قزم ربعه مشوه الخلقة نوعا ماعارى الا من ثوب اسود رقيق ببدنه قطعة واحدة كالفانيليه اللاصقة بجسم الانسان واما لباس الراس فطاقية سوداء لاصقة بالراس ولها في وسطها قطب من نسيجها مرتفع وبعض منهم يلتحف برداء كالبردة والشال أو المئزر وذلك تبعا لقبائلهم واقاليهم التي يعيشون فيها .
     والانواع الرئيسية للجن[93]هم:(ابليس)[94]،(الشياطين)[95]،(المرده)[96]،(العفاريت)[97]،(الاعوان)،(الغواصين)،(الطيارين)[98]لاستراقالسمع،(التوابع)،(القرناء)[99](العمار)[100] وكل هذه الطوائف مختلفوا العقائد والملل كبني ادم الا انهم يغلب فيهم الجحود والكفر والكبرياء اما  مؤمنهم قوى الايمان  جدا ان لم يكن  ملحق بالاولياء الا انهم مهما علوا لايلحقون  برتبة الانسان  فى  الولاية والعلوم  الدينيه العالية  مع ان  غالبهم  ملم بخواص المواد بحكم تشأ تهم الاثيرية واطلاعهم على  بواطن المادة ومجاهل الارض والسماء والهواء والقفار والبحار  ولكن  صاحب  الولاية الكبرى  من اولياء  الانسان  يزيد عنهم بمراحل  فى هذه  النواحى  كلها وهو اكرام لنبى ادم  لانه نهاية الخليقه والخليفة  فى الارض عن  الله  والذى  علم من الاسماء ما لم  تعلمه  نفس  الملائكه وهو فضل  الله على بتى  ادم  دون خلقه.
وتوجد انواع اخرى من الجن متفرعة  من الاصول  المذكوره  وهم سكان  الكهوف والطواغيت  الذين  يسكنون بجوار  محلات ارهاق   الدماء كالسلخانات والمذابح وغيرها  لتلقى  أبخرة الدماء  فهو غذائهم الخاص وكذلك  يتبعون الجيوش المحاربة لهذا  الغرض نفسه  كما يتبع النسور الجيوش  للتغذى باشلائهم  من القتلى، منهم سكان السحاب والرياح  والتوافيف الذين  يسكنون الغابات واطراف الاشجار العاليه والسباسب  الذين يسكنون الجبال  والخرائب فهؤلاء هم  القبائل المشهورة من فصائل  الجن والواقع ان  أنواع  الجن  كثيرة جدا  اذ ان الجن  قدر الانس  عشرة مرات  كما  فى الحديث اذ هم  سكان الهواء والماء  والارض وتحت  الارض وهذه  مساحه  عظيمة  بخلاف  الانسان الذى ليس له الا  الارض بل جزء صغير معمور منها[101] .
بعض اشكال ووجوه تلك الانواع:
منهم من يكون  شبه القرد أو النسناس وهم الملاعبون الذين يقودون الناس للزنا رجالا ونساء ومنهم من يكون وجهه كوجه  الحمار أو الماعز والجديان وهم العابثون بأغذية الناس وأرزاقهم ومنهم الذى سرق مخازن الصدقة وضبطه سيدنا أبوهريرة فى الحديث المشهور،  ومنهم  من يتشكل بالثعبان والحيات والعقارب وما الى ذلك من اصناف الزواحف ومنهم من يكون جسمه مقدار  زراع ورأسه  طول  النخلة السحوق وهى منقسمة الى جملة  رؤوس عديدة كل رأس له عينان وفم وعيونه كلها تلتهب ناراً ويحرك هذه العيون دفعة واحدة ومنهم من وجهه وجه الخنزير وهم الذين يغوون علي الربا واكل الحقوق ومنهم من هو علي شكل فيل ومنهم من يأتي علي شكل نسر اسود اوقط او كلب او ارنب وكل له خصوصيته في الايذاء والاغواء لان معظمهم كافرون مؤذون الا من حفظه الله ولهم اضرار وابتلاءات كثيرة لبني آدم بحكم العداء الاصلي لانهم من فصيلة ابليس اللعين عو بني آدم بالفطرة والجبله كما اخبر الله سبحانه وتعالي في القرآن الكريم في اكثر من موضع .
    طبيعة الجن ميالة للشر والايذاء الا المؤمن منهم،  قال تعالي: (وَلَقَدْ جَعَلْنَا فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَزَيَّنَّاهَا لِلنَّاظِرِينَ * وَحَفِظْنَاهَا مِنْ كُلِّ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ * إِلَّا مَنِ اسْتَرَقَ السَّمْعَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ مُبِينٌ)[102]، وقال تعالي: (وَلَقَدْ زَيَّنَّا السَّمَاء الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَجَعَلْنَاهَا رُجُوماً لِّلشَّيَاطِينِ وَأَعْتَدْنَا لَهُمْ عَذَابَ السَّعِيرِ)[103] ، وقال تعالي (إِنَّا زَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِزِينَةٍ الْكَوَاكِبِ*  وَحِفْظًا مِّن كُلِّ شَيْطَانٍ مَّارِدٍ  *لا َسَّمَّعُونَ إِلَى الْمَلإِ الأَعْلَى وَيُقْذَفُونَ مِن كُلِّ جَانِبٍ* دُحُورًا وَلَهُمْ عَذَابٌ وَاصِبٌ * إِلاَّ مَنْ خَطِفَ الْخَطْفَةَ فَأَتْبَعَهُ شِهَابٌ ثَاقِبٌ )[104].
    هذه كلها آيات صريحة تدل علي ميل الجن لتجسس واستراق السمع من نفس السماء والملائكة، كما ان الجن بطبيعتهم ميالون لايذاء الانسان لان ابليس اصلهم عدو للانسان بالفطرة والجبلة والحقد والحسد الغريزي وذريته وجنسه علي شاكلته الا المؤمنين ممن وحدوا واتبعوا الاديان السماوية في كل زمان ومكان .
   وفي سورة الجن مجال لفهم احوال وعقائد الجن قال تعالي : (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ۖ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا * وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا)[105] ، وهؤلاء مؤمنوا الجن من نصيبين وحوران الذين سمعوا القرآن من النبي صلي الله عليه وسلم ومعه سيدنا عبد الله بن مسعود الذي اخبر انه لما ذهب مع النبي صلي الله عليه وسلم الي حي الجن خط له خطا في الارض لا يتعداه ودخل في جهة سوداء وكان ينزل عليه رجال سود سلط مشوهوا الخلقه عن الانسان نوعا ما وبينهم من هم علي هيئة النسور السوداء ثم حصلت غاغة ففرعهم النبي بالعصا ليحجزهم ولما عاد عليه الصلاة والسلام اخبر عبد الله بن مسعود لما ساله الغاغة وقال له النبي صلي الله عليه وسلم قضيت لهم بالحق في قضية قتيل قال بن مسعود يارسول الله خفت عليك وكدت استغث بالناس فقال له صلي الله عليه وسلم لو تقدمت ما امن ان يخطفوك وهذه الحادثة مذكورة في كتب الحديث الصحيحة وغيرها وقال تعالي ايضا في سورة الجن: (قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا * يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ ۖ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا * وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا* وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَالْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِبًا * وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا * وَأَنَّهُمْ ظَنُّوا كَمَا ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَدًا * وَأَنَّا لَمَسْنَا السَّمَاءَ فَوَجَدْنَاهَا مُلِئَتْ حَرَسًا شَدِيدًا وَشُهُبًا * وَأَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْهَا مَقَاعِدَ لِلسَّمْعِ ۖ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهَابًا رَصَدًا * وَأَنَّا لَا نَدْرِي أَشَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرَادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَدًا * وَأَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَمِنَّا دُونَ ذَٰلِكَ ۖ كُنَّا طَرَائِقَ قِدَدًا * وَأَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَلَنْ نُعْجِزَهُ هَرَبًا * وَأَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدَىٰ آمَنَّا بِهِ ۖ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا * وَأَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنَّا الْقَاسِطُونَ ۖ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولَٰئِكَ تَحَرَّوْا رَشَدًا * وَأَمَّا الْقَاسِطُونَ فَكَانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَبًا * وَأَنْ لَوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُمْ مَاءً غَدَقًا * لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ ۚ وَمَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذَابًا صَعَدًا * وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا)[106]. فمن معاني هذه الايات القرآنية ما يغني عن الايضاح من تنوع اشكال الجن وعقائدهم ونزعاتهم للشر الا من آمن وما آمن منهم الا قليل.
حكايات وحوادث حصلت بين الانس والجن:
   قال القاضي جلال الدين أحمد بن القاضي حسام الرازي الحنفي، سافرت لاحضار زوجة والذي من بلد فنزل مطر شديد فالتجات انا ورفقائي في مغارة وبينما انا نائم اذا بشئ يوقظني فانتبهت فرأيت امراة وسطا في العمر لها عين واحدة مشقوقة بالطول فارتعت منها فقالت: ما عليك من خوف وانما اتيتك لازوجك بنتا لي كالقمر فقلت شدة خوفي خي ان شاء الله فلم البس قليلاً الا ورجال حضروا كقاضي وشهود فخطب القاضي وشهدت الشهود وعقد العقد ونهضوا وعادت المرأة ومعها جارية حسناء الا ان عينها واحدة ومشقوقة بالطول فاستوحشت منها وخفت وصارت تلازمني في المسير معي اراها ولا يراها رفقائي ثلاثة ايام لم اقربها لخوفي وفي اليوم الرابع حضرت والدتها وقالت الم تعجبك ابنتي وتحب فراقها فقلت اي والله فطلقتها وانصرفتا ولم اعد اراهما بعد[107] .
حادثة  اخرى طريفة وغريبة حصلت مع السيد محمد محمد الحريري البيومي مؤلف كتاب الروح وماهيتها
     قال المؤلف - محمد الحريري البيومي:  في1905م وانا كاتب بنيابة مركز دشنا مديرية قنا بالوجه القبلي إذ كنت شاباً اعزب لا تجاوز التاسعة عشر سنة وكنت ساكناً في بيت منفرد شرق البلد وكان لي خادم يدعي أحمد يعمل لي طعامي وكان المنزل في عطفة صغيرة وليس فيها سواه فبينما ذات يوم انا راجع لمنزلي من النيابة بعد الظهر وعند باب العطفة شاهدت الخادم خارجاً من المنزل فقلت له ماذا طبخت فال باميه وذلك عند مدخل الحارة فقلت له احضر فجلا وليمونا واعطيته نقودا لاحضار ذلك من السوق القريب وكان قد ترك باب المنزل مفتوحا لما رآني في اول العطفة ولما توجه الخادم لاحضار الفجل والليمون ما اشعر الا واحدة ست لابسه حبره ويشمك مثل لبس نساء التراك في ذلك العهد وفي غاية الاعتدال مرت من خلفي ثم نظرت الي مليا وتوجهت الي باب منزلي المفتوح ونظرة الي مرة اخرى مليا ودخلت المنزل وفي الاثناء حضر خادمي احمد فقلت له : اطلع شوف مين فوق وقل لها والدة الأفندي سافرت اذ كنت ظننتها أحدي زوجات الموظفين اللاتي زرن والدتي عندما كانت عندي من مدة قريبة، فطلع الخادم ثم أطل من الشباك وقالي لم يوجد أحد ! فاندهشت ودخلت بنفسي وأغلقت الباب وفتشت الحوش والمندرة وغرفة الفرن والسلم والسكن والسطوح فلم اجد احد بالمرة فعملت انها من عوارض الجن وقلت للخادم بعد الحاحه في السؤال يمكن عيني لمحتها وخرجت ثانياً وفي الحقيقة كان مقصدي مداراة للخادم لئلا يخاف ويتركني لاني متأكد تمام التأكد مما حصل بالضبط.
    وبعدما ما تغديت أردت النوم فلم يعترني نوم بالمرة من مشغولية فكرى وكان الوقت صيفا في شهر اغسطس وبعد أن ألح علي الخادم أحمد عبد الوهاب بالذهاب لوالدته بحجة احضار جلابية جديدة فقلت له بعدين لما اخرج اذهب انت فصار يلح علي بالخروج وأنا امانعه خشية من هذه التي دخلت واختفت فكرر الالحاح فاذنت له علي مضض وكان الحاحه من نفس هذه الجنيه ووسوستها له ليخلوا لها الجو معي وماكاد يخرج احمد من باب المنزل ببضع دقائق وكنت مضجعا علي عنقريب جلد وهوسرير تلك الجهات ما اشعر الا وسقط امامي من السقف شبح ابيض ملتف بملاية بيضاء وهي الست التي كنت رايتها ولكن ليست عليها حبرة ولايشمك وقالت بصوت رفيع السلام عليكم ! فاخذتني الحمية وذهب الخوف وصممت علي النضال فجلست وقلت لها بشدة : من اذنك بالدخول هنا ومن انت ولماذا حضرت ؟! فقالت قد استأذنت منك مرتين : مرة امام العطفة حينما نظرت اليك ومرة امام باب المنزل فلم تمنعني ودخلت بعلمك ومرآك وانا حاضرة كي أعاتبك لما حصل منك أمس معي ومع ضيوفي وجواري اخرى بحضورى فقلت لها لا اعلم مما تقولينه شيئا بالمرة، قالت امس كنت انت في جزيرة المراشدة اتجاه دشنا ونزعت ملابسك ونزلت في النيل لتستحم وكنت انا واحبابي في لك المكان ففزعوا منك لكشف عورتك فذهبت جارتي لضربك الا انها ضربت هي بما كنت تتلوه من حزب الشيخ البيومي اليس كذلك ؟ قلت حقيقة كنت امس في ذلك المكان ولكن لم اعلم بكم وهذه المسألة ليس علي فيها حرج لانه لم يوجد احد من بني آدم اتحرز منه فقالت او لم يمنع الشرع الشريف من كشف العورة في الاستحمام ولو لم يوجد احد من بني آدم لاحتمال وجود روحانيين في المكان - الم تعلم بان رسول الله صلي عليه وسلم كان يستحم في قيمصه لهذا فتذكرت هذا الحديث وعملت انها من خير مؤمني الجن فأستانست بها وقلت لها ومن انت من أي قبيلة؟ قالت ( اسمي واديار بنت الملك الابيض ) من جهة دمشق الشام ولنا عادة نأتي هنا في الصيف نصيف بجوار النيل في الفيضان وابي من أولاد الشيخ البيومي الكبير جدك ولو كانت الجارية آذتك بشئ لوقعنا في اشكال لا قبل لنا به فقلت لها الحمد علي كل حال .
     وقد تردد علي حوالي تسع مرات قبل رحليها من دشنا وعرضت علي الزواج فلم اقبل لاني كنت خاطبا احدي قريباتي وبلغ من حبها بي ان ذهبت لمصر لخطيبتي واحضرت لي منديل راسها وكنت مميزه بعلامة خاصة لانه كان مشغولا بترتر الصعيد المعروف فلمتها علي ذلك وكلفتها بارجاعه دون ازعاج خطيبتي ففعلت وكان احضار المنديل من مصر لدشنا لا يتجاوز مدة نصف ساعة وهي حالة مفهومة عند الجن لانهم يسيرون مع الاثير وكانت تلك الجنيه علي ادب جم وعلم غزير وقد تناقشت معها في جملة مواضيع وعلمت منها ان غذاءهم ابخرة المواد لما عزمت مرة عليها في الطعام وان الجن يولد عاقلا بالغا وان الجن اذا مات جسمه الاثيرى فلا يكون له باق من جسده بل يتلاشي واما اذا كان مجسما فياخذ حكم المادة وانهم يعمرون كثيرا الي ان سافرت ثم ترددت علي في اوقات متباعدة وكانت تشكل امامي باي شكل اطلبه منها وكانت تشكل بشكل خطبيتي وغيرها وبعض النساء المشهورات بالجمال المعاصرين ولم يبدر منها نحوي ما يسوءني لانها كانت تحترمني كثيرا اكراما لجدنا الشيخ البيومي رضي الله تعالي   عنه )[108].
حادثة اخرى مع بعض الصحابة رضي الله عنهم:
     كان جماعة من اصحاب رسول الله صلي الله عليه وسلم يمشون فاذا باعصار يهب في طريقهم وبينما هم في دهشة إذ بأعصار أشد وهبوب شديدة وقوى يتصادم بالأول ثم ان الحال هدأت واصبح الجوهادئا كما كان ولا اعصار ولا شئ ولكنهم وجدوا حيه ميته ملقاه في عرض الطريق فأخذها احدهم المدعو حاطب بن بلتعة وكفنها في قطعة من قميصة ودفنها علي جانب الطريق وذلك خشية من ان ينزعج منها احد المارين .
  فلما جني الليل جاءتهم أمرأتان تسألان ايكم دفن ( عمر بن جابر) فقالوا ماندري من هو عمر بن جابر فقالتا أن كنتم ابتغيتم الأجر فقد وجدتموه، أن فسقه الجن أقتتلوا مع المؤمنين فقتل عمر وهو الحية التي رأيتهم وهو من الذين استمعوا القرآن من محمد صلى الله علية وسلم[109]، والجن عند المشاحنة والمحاربة يتشكل بأشكال الحشرات القتالة بخاصيتها وسمها لأنه يأخذ حكمها في الفتك بالخاصية لدي خصمه فأذا أتاه اجله المحتوم وهو في هذا الشكل حكم عليه ومات به لأن الصورة المادية إذا ذهبت منها الروح تبقي علي ما هي عليه وهذا التشكل بالثعابين والأفاعي كثير كما انهم يتشكلون أيضا بسباع وضباع وفيلة وأشكال كثيرة كما سبق التعريف عنها في التطور .
حادثة أخرى مع أحد الفلاحين:
     كان بعض الفلاحين قد ذهب الي سوق بلدهم ليبيع زكيبة قمح وفعلا باعها وعاد الي منزله فأخبرته زوجتة انها كانت مودعة عقدها الذهبي في زكيبة القلة وزوجها باع الزكيبة جملة واحدة والشاري لم يكلها وأخذها كما اخبره انها ست كيلات بالثمن الذي طلبه ولذلك لم يعرف عن العقد طلبه ولذلك لم يعرف عن العقد شيئا فلما علم بذلك من زوجته ذهب الي السوق في الأسبوع الثاني للبحث عن الشاري وسؤاله عن عقد الذهب وفعلا قابله وأخبره عن الموضوع فقال له الزكيبة كما هي لم تفتح فأذهب معي لأخذ العقد منها قال الفلاح وخرجت معه خارج البلد وأنا اعتقد أنه كان يسكن في أحدي القرى المجاورة فلما انقطع الطريق من الناس وضعيده علي عيني وقال امش قليلاً فمشيت بضع خطوات ثم أزاح يده عن عيني فما اشعر الا وانا في جهة خلوية واسعة وبها الاكياس من الغلال والحبوب وارشدني ارشدني الي زكيبتى واخرج عقد الذهب واعطاه لي وانا في غاية الدهشة ثم وضع يده علي عيني انياً وقال امش قليلا فمشيت وكشف يده فوجدت نفسي في محل ماذهبت معه .
  فقلت له من انت؟ وما هذه الاكياس الكثيرة وكنت اعتقد من اولياء الله اهل الخطوة – فقال لي انا من مؤمني الجن وممن يعمل مع اصحاب الدوائر الباطنية من اولياء الانس ومأموريتنا في التصريف تنحصر في شراء السلع من الاسواق لرفع الاسعار لاننا التصريف تنحصر في شراء السلع من الاسواق لرفع الاسعار لاننا نحفظها في امكنة خاصة وعندما يراد خفض الاسعار نردها للاسواق نحفظها في أمكنةخاصة وعندما يراد خفض الاسعار نردها للأسواق بثمن بخس فتنخفض الاسعار وتكثر الاشياء والناس يظننونا من الانس والحال ليس كذلك انما تتشكل بشكل تجار كل جهة ونحن مأمورون منارباب الدوائر وارباب الدوائر ملهمون من الله وهو سر التصريف الخفي ثم قال الم تعلم بان اللع هو المسعر، قال عليه الصلاة والسلام ( لا تسعروا فأن الله هو المسعر) عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، قَالَ : غَلَا السِّعْرُ بِالْمَدِينَةِ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَ النَّاسُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، غَلَا السِّعْرُ ، سَعِّرْ لَنَا ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمُسَعِّرُ الْقَابِضُ الْبَاسِطُ الرَّزَّاقُ، إِنِّي لَأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللَّهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يَطْلُبُنِي بِمَظْلَمَةٍ فِي دَمٍ وَلَا مَالٍ)[110]، وهذه الحادثة من غرائب الحوادث !.
تعليق :
   كل ماذكرته آنفا من حوادث امكانية اتصال الجن بالأنس كان مقتبسا من المرجع الذي ذكرته ولكني اريد ان أثبت أيضا حادثة حصلت مع بعض أصدقائي[111] بل أخواني في الله ممن أثق في دينهم وأمانتهم وصلاحهم وهذا الشخص لا يزال يرزق[112] وفي يحبوحة من العيش الطيب في ديم من ديوم الخرطوم بحري بالسودان وتفاصيل الحادث كما يقول: (( بينما كانت زوجتي تعاني آلام الطلق ( الولادة)[113] ولم توجد في حارتنا قابلة محترفة ولا توجد اي عربة تاكس في تلك الساعة المتأخرة من الليل كي تحضر بها قابلة من المدينة وانا في أشد الحيرة والاضطراب من خطورة موقف زوجتي اذا بأمرة تحضر الي منزلي في زي القابلة تماماً تحمل كل الادوات التي تكون في حيازة القابلة عندما تحضر لاستقبال الجنين – وفي الحال دخلت الي الحجرة التي بها زوجتي وبعض اقاربها ونساء بعض الجيران كالعادة الجارية في مثل هذه الظروف وقامت بعملية التوليد عل أحسن حال وعند إنصرافها حضرت الي في الديوان مهنئة لي بالمولود وبسلامة الزوجة فشكرتها ولكن قبل ان نتصرف قدمت لي هدية مالية لتلك المناسبة السعيدة وترددت في قبولها وقلت لها ان هذا من واجبي انا ، وعندما ودعتها خارج الدار قالت لي انها ليست من الانس وانها فعلت كل ذلك بناءا علي أمر صدر لها من شخصية دينية كبيرة معروفة[114] لدي ذلك الشخص ( ولدي انا ايضا ) يسكن في قرية من مركز الفونج[115] اقول ان هذه الحادثة اتت مصدقة لحوادث كثيرة أخرى حصلت مع بعض ساداتنا الصالحين الموجودين بالسودان ( ولا يعرفهم إلا القليل ) والذين سمعنا من أفواههم أخبارا كثيرة تتعلق بإتصالهم بالجن ورجالا ونساءا في مناسبات شتى .
الرقيا والتحوطات وما جاء فيها شرعا:
    في الصحيح عن النبي صلي الله عليه وسلم انه رخص في الرقيا ما لم تكن شركا وقال (مَنْ اسْتَطَاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَنْفَعَ أَخَاهُ فَلْيَفْعَلْ)[116] ، وهذه رقيا كان يقولها صلي الله عليه وسلم لانه كان يتعوذ من الجن واثر العين ويطرد الاراوح الخبيثة، ولنا في استفتاح القرآن مثل البسملة والاستعاذة المشهورة وهي (اعوذ بالله من الشيطان الرجيم )[117] دليل كافي علي جواز الرقيا وهذه رقيا النبي صلي الله عليه وسلم: ( أَعُوذُ بِوَجْهِ اللَّهِ الْكَرِيمِ ، وَكَلِمَاتِهِ التَّامَّةِ الَّتِي لا يُجَاوِزُهُنَّ بَرٌّ ، وَلا فَاجِرٌ ، مِنْ شَرِّ مَا يَنْزِلُ مِنَ السَّمَاءِ ، وَمَا يَعْرُجُ فِيهَا، وَمِنْ شَرِّ مَا ذَرَأَ فِي الأَرْضِ، وَمَا تَخْرُجُ مِنْهَا، وَمِنْ شَرِّ فِتَنِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، وَمِنْ شَرِّ طَوَارِقِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ ، إِلا طَارِقٍ يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ)[118].
   والمعوذتان وآيه وآية الكرسي وآخر البقرة وآخر الحشر واول آل عمران والصمدية وكثير من آى القرآن وردت فيها احاديث صحيحة للاستعاذه والتحرز بها وكتابتها ولا ينخدع احد بعدم الاعتقاد بأسرار القرآن وخواصة محتجا بانه نزل لحوادث معينة وتشريع خاص فهو وان كان كذلك فهو كلام الله الذاتي غير المتناهي لا يحيط به الا من انزله – ولوكان قاصراً علي سبب الحوادث والتشريع الظاهر لاصبح محدودا ككلام الناس في اللغة العربية وفهم معني اللفظ ولم يكن معجزا وهذا مالم يقل به مؤمن فضلاعن عاقل، قال تعالي: (وَكُلَّ شَيْءٍ أَحْصَيْنَاهُ كِتَاباً)[119]، وقال تعالي (مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ)[120] ، وقال علية الصلاة والسـلام ( ان للقرآن حدا ومطلعا وظاهر وباطنا الي سبعة ابطن ) وهي البواطن الرئيسية لأن البواطن لا تتناهي، وقال علية الصلاة والسلام: ( خذ من القرآن ماشئت لما شئت ) وقال تعالي: (وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ)[121].
     والحديث التالي يثبت جواز التحوطات والتحرز الذي حصل في عهد رسول الله صلي عليه وسلم وبأمره :-
   روي البيقهي في أواخر دلائل النبوة عن ابي دجانة واسمه سماك ابن خرشه، قال شكوت الي النبي صلي الله عليه وسلم اني نمت في فراش فسمعت صريراً كصرير الرحي ودويا كدوي النحل ولمعا كلمع البرق فرفعت رأسي فاذا انا بظل أسود يعلو ويطول في صحن داري فمسست جلده فهو كجلد القنفذ فرمي في وجهي مثل شرر النار، فقال صلي الله عليه وسلم عامر دارك يا ابا دجانة ثم طلب صلي الله عليه وسلم دواة وقرطاسا وامر عليا رضي الله تعالــي عنه ان يكتب (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ، هَذَا كِتَابٌ مِنْ مُحَمَّدٍ رَسُولِ رَبِّ الْعَالَمِينَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، إِلَى مَنْ طَرَقَ الدَّارَ مِنَ الْعُمَّارِ وَالزُّوَّارِ وَالصَّالِحِينَ، إِلا طَارِقًا يَطْرُقُ بِخَيْرٍ يَا رَحْمَنُ، أَمَّا بَعْدُ: فَإِنَّ لَنَا وَلَكُمْ فِي الْحَقِّ سَعَةً ، فَإِنْ تَكُ عَاشِقًا مُولَعًا ، أَوْ فَاجِرًا مُقْتَحِمًا أَوْ رَاغِبًا حَقًّا أَوْ مُبْطِلا ، هَذَا كِتَابُ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَنْطِقُ عَلَيْنَا وَعَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ، إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ، وَرُسُلُنَا يَكْتُبُونَ مَا تَمْكُرُونَ، اتْرُكُوا صَاحِبَ كِتَابِي هَذَا، وَانْطَلِقُوا إِلَى عَبَدَةِ الأَصْنَامِ ، وَإِلَى مَنْ يَزْعُمُ أَنَّ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لا إِلَهَ إِلا هُوَ كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلا وَجْهَهُ لَهُ الْحُكْمُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ يُغْلَبُونَ ، " حم " لا يُنْصَرُونَ ، (حم *عسق)[122] ، تُفَرِّقَ أَعْدَاءَ اللَّهِ ، وَبَلَغَتْ حُجَّةُ اللَّهِ ، وَلا حَوْلَ وَلا قُوَّةَ إِلا بِاللَّهِ (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللَّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ)[123] ، قَالَ أَبُو دُجَانَةَ : فَأَخَذْتُ الْكِتَابَ فَأَدْرَجْتُهُ وَحَمَلْتُهُ إِلَى دَارِي ، وَجَعَلْتُهُ تَحْتَ رَأْسِي وَبِتُّ لَيْلَتِي، فَمَا انْتَبَهْتُ إِلا مِنْ صُرَاخِ صَارِخٍ ، يَقُولُ : يَا أَبَا دُجَانَةَ ! أَحْرَقَتْنَا وَاللاتِ وَالْعُزَّى الْكَلِمَاتُ، بِحَقِّ صَاحِبِكَ لَمَا رَفَعْتَ عَنَّا هَذَا الْكِتَابَ، فَلا عَوْدٌ لَنَا فِي دَارِكَ، وَقَالَ غَيْرُهُ : فِي أَذَاكَ، وَلا فِي جِوَارِكَ، وَلا فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ فِيهِ هَذَا الْكِتَابُ، قَالَ أَبُو دُجَانَةَ : فَقُلْتُ : لا ، وَحَقِّ صَاحِبِي رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لا أَرْفَعَنَّهُ حَتَّى أَسْتَأْمِرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، قَالَ أَبُو دُجَانَةَ : فَلَقَدْ طَالَتْ عَلَيَّ لَيْلَتِي بِمَا سَمِعْتُ مِنْ أَنِينِ الْجِنِّ وَصُرَاخِهِمْ وَبُكَائِهِمْ ، حَتَّى أَصْبَحْتُ فَغَدَوْتُ ، فَصَلَّيْتُ الصُّبْحَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَأَخْبَرْتُهُ بِمَا سَمِعْتُ مِنَ الْجِنِّ لَيْلَتِي ، وَمَا قُلْتُ لَهُمْ ، فَقَالَ لِي : " يَا أَبَا دُجَانَةَ ارْفَعْ عَنِ الْقَوْمِ ، فَوَالَّذِي بَعَثَنِي بِالْحَقِّ نَبِيًّا إِنَّهُمْ لَيَجِدُونَ أَلَمَ الْعَذَابِ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ).    قال البيقهي فقد ورد في حرز ابي دجانه رضــي الله عنه حديث طـويل غير هذا .     
          فماذا تقول ايها القارئ الكريم بعد ذلك في ( الحجاب ) ( والعزيمه(والمحاية) انه والله يرجع اصلها الي رسول الله صلي الله عليه وسلم الذي اتي بهذا الدين السمح فاعتبر هداني الله وأياك وسلم الأمر لله الذي ترجع اليه الامور والذي بيدة مقاليد كل شئ ولا تكون من الجاحدين .
مسألة الزار وما يفهم منها:
  مسألة الزار[124] لها أصل في علاج المصروعين والملموسين لأن مبناها الموسيقى[125] والألحان التوقيعية وهي من ضمن العلاجات العصبية الحديثة فضلا عن ميل الجن لهذا النوع من التلحين خصوصا إذا كان سياجه مدحا وفخرا لهؤلاء الجن كل بحسب ما يشتهيه في عقيدته وهي في الواقع حيلة الضعيف الحالة القصير الحيلة اذا هو عبارة عن استعطاف ورجاء وقد زاده ضعفا ان من يقومون بهذه العملية في الغالب جهلاء وغالبهم نساء انخدعن ببدع وضلالات تخالف الدين والعقل والمنطق في أهواء الجن ومجارات شيوخ الضلالة لهم إذ ان هذه الوسائل أبعدت عن اصلها العلاج الموسيقي وان كان يحصل لبعض الناس الارتياح والشفاء مصادفة أو أنه صادف لحنا وافق من لمسة من الجن فتركه أو أراحه لمدة معينة علي شروط مخصوصة، والزار بالجملة علاج فاسد غير منتظم لتصدر الجهلاء الغير متدينين له في الغالب ولذلك كان له فساد وهو كالخمر ضرره اكثر من نفعه وزيادة علي ذلك وكما هو معلوم هو من العلاج الذي افسد كثير من أخلاق النساء في البلاد العربية خصوصا مصر والسودان .
   والزار هو علاج ( لمس الريح الأحمر)[126] من انواع الجن والمعروف عند عامة الناس ( بالدساتير) والذي أصبح كثيراالإنتشار في هذا الزمان، وهذا الداء كما يذكر عنه بعض العارفين له فروع كثيرة لمن اصيب به، منها بعض انواع الحمي والصداع وسوء الهضم وضعف النظر وفقدانه والتأثير علي حاسة السمع وكثير من العلل الجسمية والعصبية والباطنية، وان اهم وسيلة لعلاجه هي (العزيمة )[127] (والمحاية) والتحوطات والاحراز (الحجبات)[128] التي جربت في طرده ولكن علي شرط ان تعمل كل هذه الوقايات بيد رجل قوى الروح موصوف بالتقوى في غاية الورع والصلاح التام وله تجارب في هذا الفن، وان كان هذا النوع من الرجال اصبح نادر الوجود لكنه موجود بحمد الله لمن أراد ان يتحراه وينتفع بعلمه فو الله قد رأيت منهم الشئ الكثير الذي يدهش العقول في علاج مثل هذه الأمراض في أقرب وقت .

الملائكة
   الملائكة[129] هم جواهر نواريته ذوات حياة وعقل وهيي جواهر مقدسة عن الشهوات وكدورات الغضب عنصرهم الذاتي مكون من النور الأول الصادر من الأمر الألهي وهي الحقيقه المحمدية للمدة للروح الكلية، (لا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ)[130] طعامهم التسبيح وشرابهم التقديس وانسهم بذكر الله وفرحهم بعبادته، خلقوا وهم ذوو قدرة علي التطور من الصغر الي الكبر والتشكل باشكال حسنة جملية من صور الانسان وغيره وهم اكبر خلق الله عددا قال علية الصلاة والسلام (إِنِّي لأَسْمَعُ أَطِيطَ السَّمَاءِ، وَمَا تُلامُ أَنْ تَئِطَّ،وَمَا فِيهَا مَوْضِعُ شِبْرٍ إِلا وَعَلَيْهِ مَلَكٌ سَاجِدٌ أَوْ قَائِمٌ )[131] وقال بعض الحكماء ان لم يكن في فضاء الافلاك وسعة السموات خلائق فكيف يليق بحكمه الباري جلت قدرته تركها فارغة مع شرف فارغا حتى خلق فيه اجناس الحيوانات وغيرها حتى اصبح الآن بعض علماء الغرب منهم اخصائيون في علم حيوانات قاع البحار، كما انه سبحانة وتعالي لم يترك الهواء الرقيق حتى خلق فيه انواع الطير والذرات الحيوية التي لا تتناهي والعوالم الروحانية الجنيه السابق ذكرها كما انه لم يترك البراري اليابسة والاجام والجبال والكهوف حتى الجبال الثلجية المتجمدة خلق فيها اجناس الحيوانات والهوام والحشرات والناس، واما اصناف الملائكة علي وجه الاحاطة فلا يعلمها الا الله خالقها، قال تعالي: (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)[132] غير ان صاحب الشرع الشريف اخبر ببعضهم بحسب وقوع الحوادث وبعض المناسبات في الاحاديث الشريفة، وقد قيل ان ما من ذرة من ذرات العالم الا وقد وكل بها الله ملكا، وما من قطرة الا ولها ملك ينزل بها من السحاب ويدعها في المكان الذي قدره تعالي، هذا حال الذرات والقطرات فما ظنك بالافلاك والكواكب والهواء والغيوم والبحار والأنهار والنبات والحيوان فبالملائكة صلاح العالم وكمال الموجودات بتقدير العزيز العليم .
   والذرات الحيوية أصحبت في العلم الحديث من المدهشات فقد قيل ان في نقطة الماء الواحدة حوالي بليون مكروب تقريبا وهي مكروبات حيوية بعضها للمساعدة علي الحياة والنماء وبعضها ضد ذلك مبيد للمكروبات المضرة والمعدية وقد اثبت التلسكوب ان المليتمر المكعب في الهواء يحوي ملايين الملايين من تلك المكروبات كما ورد ذلك في التحليل .
   افلا تكون هذه المكروبات والكرات الحمراء والبيضاء التي في نوع من جنود الله وملائكته لحكمته البالغة وعظمته التي لا تتناهي وقدرته في جميع مخلوقاته التي لا يعلمها الا من خلقها (وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ)[133] وقد جاء في الماء قوله تعالي:( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاء كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ)[134] وهي ذرات الحياة التي لا يعلمها الا هو .
غذاء الملائكة:
  قلنا ان الملائكة اجسام نورانية مقدسة فغذاؤهم من نوع تكوينهم اذ يتغذون بالانوار وهي تأتي من تفاعلهم في التسبيح والتقديس لله خالقهم سبحانه وتعالي كتفاعل الذرة الكهربائية المولدة من حركة الدنمو فاما كان الدنمو مستمر الحركة كانت الشرارة الكهربائية مستمرة كما هو معلوم لأهل هذا الشأن فما دام الملك يسبح فهو دائم لحياة كتنفس الحيوان.
     ولما كان هذا الغذاء نورانيا لطيفا كانت الحياة قوية وطويلة المدى إذ أن ملائكة الله إبتدأت مع نشاة العوالم اللطيفة والكثيفة وتنتهي بإنتهاء هذا العالم عند فناء جميع الموجودات، أنهم سياجه المعنوى وموضع تجلي قيومية الحق في خلقه ومخلقوقات الله سبحانه وتعالي متعدده الاوضاع والانواع والنشاة فالانسان والحيوان   والنبات مخلوق من الارض المادية والماء فغذاؤه وحياته منها كما ان تكوين الجن من الاثير العام وهي الانهار الكامنة في الوجود فكذلك غذاؤه مايتخلل الي هذا الاثير من الابخرة ومايماثلها من ذرات المواد المتحولة اليه باي تفاعل، كذلك غذاء الملائكة من تفاعل انوار التسبيح والتهليل والتقديس كما ذكر في الاحاديث الشريفه وخلافها من اقوال القديسين والاولياء : أهل الفتح والكشف العالي اذا ان منهم من يراهم ويخاطبهم كما سنذكر في نهاية البحث .
تناسل الملائكة وتوالدها : 
ليست الملائكة ذكورا ولا اناث كما نعهد فى الحيونات بل هم منزهون عن هذه الشهوة البهمية  بل ان توالدهم وايجادهم من نفس قوة تسبيحاتهم  بعضهم من بعض 
 جاء فى الاحاديث  الصحيحه ان الملائكة[135] يستغفرون للانسان اذاقام بعبادة خاصة  ويتولد من استغفارهم او تسبيحهم ملائكة اخرون بستغفرون لنفس المتعبد من بنى الانسانوقد ذكر انها تكون الوف الالوف من الملائكة المخلوقة من هذا التسبيح والاستغفاروهذا سهل الفهم الان حركة تسبيح الملك عبارة عن تفاعل نورانى مستمر بقوة شديدة  تخرج منها انوار ا اخرى هى ملائكة عاقلة تاخذ نفس حالة ماتولدت  منه من الملك الاول زهى نفس حالة تولد الذرات  الكهربائية المتعاقبة من  التيار الكهربائى الناتج  من حركة الدنمو  عند الحركة  واظن  انه بعد هذا الاضاح لا يبعد عن الفهم  معنى  احاديث خلق  الملائكة  من انفاس الملائكة  اذ ان بعض كبار  المتعبدين من بنى الانسان  اهل الفتح الكبير تخرج من انفاسهم ملائكة  يستغفرون  لهم اذ انهم  يقاربون الملائكة  فى ذلك  وقد جاءت الاخبار الصحيحة بذلك .
مساكن الملائكة:
الملائكة[136] تسكن  جمبع الاماكن المخلوقة المنظور منها وغير المنظور واظاهر فيها والباطن وهى لايعلم عددها الا الله  سبحانه  وتعالى فمنها القائمون بالعرش وحوله منهم الكربيون  الهائمون  فى جلال الله  ومنهم  سكان السموات السبع  ومنهم من هو بين السماء والارض  ومنهمم  من يسكن  ارضنا الظاهرة ومنهم من يسكن الارضين السبع ومنهم من يسكن البحار  الى اخر ماخلق الله  ومنهم  من يتخلل الاجسام  الحية لمعاونتها فى وظائف الحياة  وعدمة وكل فئة من هؤلاء الملائكة  لها وظيفة  واعمال تناسب المكان المقيمة  فيه وأعلى الملائكة  قدرا  هم الكربيون الهائمون  فى جلال الله  ثم سكان العرش ويليهم  سكان السماء السابعه فالسادسة الى الاولى ثم الأرض ومادونها  وسريان الملائكة وحركاتهم تفوق سرعة الضوء بما لا يتصوره العقل .
اشكال الملائكة:
حملة العرش وهم من أكبر الملائكة  يتقرب اليهم سائر الملائكة يسلمون عليهم بالغدو والرواح  لمكانتهم عند الله ويسبحون بحمد ربهم ويستغفرون للذين امنوا وهم على اربعه اشكال  شكل على صورة النسر  يمد  جميع الطيور  برقائقة النورانية والشكل على صورة الثور  يمد جميع البهائم  الداجنة   برقائقة النورانية وشكل على صورة الاسد  يمد جميع الوحوش  برقائقة النورانية  وشكل على صورة الانسان وهم رؤساء  الثلاثه الاولين يمد جميع جنس الانسان برقائقهم النورانية عدا حضرت الانبياء والمرسلين فانهم اعلا منهم وهؤلاء الاشكال الاربعة هم رؤوس اشكال مخلوقات الله الحية تدخل في إحاطتها جميع الانواع يتجلي عليهم الحق سبحانه وتعالي فيجدون جميع الأنواع المخلوقة من العرش للعرش بحكم إحاطتهم بالكائنات لإحاطة العرش بها في إمداد الخلق من الأنواع المذكورة بما يصلحهم في وجودهم لحين فنائهم ويحكم حملة العرش الروح الأمين وهو ملك عظيم يقوم صفا بمفرده وجميع الملائكة صفا ( وقد جاء ذكره في القرآن) قال تعالي، (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلَائِكَةُ صَفًّا لَا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمَنُ وَقَالَ صَوَابًا)[137].
إسرافيل عليه السلام :
  وظيفته مبلغ الأوامر ونافخ الأرواح بالأجساد وصاحب النفخ في الصور، قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (كيف أنعم وقد التقم صاحب القرن القرن وحنى جبهته وأصغى سمعه ، ينتظر أن يؤمر أن ينفخ فينفخ)[138] قال مقاتل القرن هو الصور وهوكهيئة البوق عرضه كعرض السموات والارض وهو شاخص ببصره نحو العرش منتظرا أن يؤمر فينفخ في الصور، صعق من في السموات ومن في الأرض ألا ما شاء الله تعالي .
   وأوجه الملائكة متنوعه فمنهم كوجه بني آدم في أحسن صورة لا هم بالذكور ولا هم بالأناث لعدم احتياجتهم لهذا النوع من الهوة بل يتوالدون بعضهم من بعض بواسطة تدفق انوار التسبيح والتقديس لله تعالي كما سبق البيان ولهم اجنحة تختلف في العدد عند كل صنف منهم بحسب ما قدر له من عمل قال تعالي ((الْحَمْدُ لِلَّهِ فَاطِرِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ جَاعِلِ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنَىٰ وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ ۚ يَزِيدُ فِي الْخَلْقِ مَا يَشَاءُ ۚ إِنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ))[139].
    ومركز اسرافيل تحت ساق العرش عند منزع الارواح ما من روح اي حيوان قبل ان توضع في النطفة في بطن أمه الا وتبرز لملك الأرواح من عند أسرافيل عليه السلام أذ أن من وظيفته نزع الارواح من محلاتها من ساق العرش الي النطفه في الرحم بواسطة ملك الروح، وسيدنا اسرافيل عليه السلام ينفخ الصور لافناء العالم في آخر الوقت المعلوم وكما انه تمر عليه ارواح الحيوانات الحيه وكذلك ارواح النباتات وكل الكائنات المتولدة ولاسرافيل اربعة أجنحة)[140] .
جبريل عليه السلام:
   هو امين الوحي خازن القدس والناموس الاكبر وطاؤوس الملائكة لتبليغ الاوامر وتنفيذها ولة ستة اجنحة وهو الرسول من الله الى الرسل وصاحب القوة والقضب على العاصين ، صاحب الصيحة المهلكة وقلب المدن العاصية والريح العقيم والصواقع المهلكة ومقامة لا يتعدة سدرة المنتهى كما اخبرة ليلة الاسراء والمعراج لى رسول الله صلى الله علية وسلم حيث قال:( وَمَا مِنّآ إِلاّ لَهُ مَقَامٌ مّعْلُومٌ) والوحى هو السرعة ومعلوم فى صفة الجن السابق شرحها بسرعة تنقلهم فى عالم الاثير فما بالك بسرعة النور العالى عن الاثير في الرتبة والايجاد إذ هي قوة لا تدرك بالعقول البشرية وهى حالة يعلمها المفتوح عليهم بسريان الروح المجردة من اكابر الاولياء حيث يسبحون با رواحهم فى السماوات وغيرها من العوالم فى اقل من لمح البصر وهى حالة معلومة عندهم .
         وسيدنا جبريل[141] هو صاحب يوم الاثنين من الايام السبعة وفلك القمر وهو الذى نزل بالكتب السما وية على الرسول عليهم الصلاة والسلام .
ميكائيل علية السلام:
   هو ملك عظيم[142] موكل بالرزاق والمياة والاجساد والحكمة والمعرفة للنفوس وهو قائم في السماء السابعة عند البحر المسجور بحر الحياة وهو رئيس ملائكة هذا البحر ولة اعوان موكلون على جميع العالم من شأنهم احداث قوة النهوض فى الأركان والمولدات التى بها الوصول الى الغايات وبلوغ الكمال في الكائنات- لة قوة تمد جميع الحيوانات الحية والنباتات النامية لانة مسيطر على البحر المسجور بحر الحياة الذى منة الماء الذى جعلة منة كل شئ حى وهى قوة لايعلمها الا الذى خلقها فسبحان العظيم المتعال ولا يستغرب من مثل هذة القوة لانه قوة الاضواء والكهارب والنيران غير العاقلة لها من العلم مدهشات فكيف بهذه القوة النورانية فى مخلوق عظيم نور عاقل له الامداد من القدرة الإلهية بما لا نفهمه نحن فى عالمنا الارضى المحدود وقد اخبر احد المخترعين المحدثين بانه لم يكشف من اسرار الطبيعة الارضية الا واحد من بليون من اسرارها فكيف بالعوالم العلوية غير المتناهية .               
عزرائيل عليه السلام:
   هو مسكن الحركات ومفرق الأرواح من الأشباح[143] ضد حالة سيدنا إسرافيل باعث الارواح من النطف الي الأرحام ، وعزرائيل ممد بقوة وسيطرة تسع جميع المخلوقات الحية جميعها في كل الافلاك ولاييستغرب ذلك من مخلوق خلق من نور اذ ان خاصية النور والانتشار والتشعع والتخلل في كل فضاء وهذا النور الشمسي غير حي وغير عاقل فما بالك بنور حي عاقل له صفة لا تدركها العقول البشرية المخلوقة الا بقياسات انوارها الأرضية وهو في منتهى البعد عن الحقيقة فقدره هذا المخلوق العظيم لا يعلم حقيقتها الا خالقها ، ولا تنسب هذه المعلومات الواردة عن الكتب السماوية والاخبار الصحيحة الي الخرافات كما يقول بذلك بعض الملحدين ، فان المخترعات الحديثة كما اسلفنا من الكهرباء والراديو والاثير قربت لنا فهم هذه الحقائق بما لا يجعل سبيلا للشك ، فرحمة الله علي السلف الصالح اذا كان ايمانهم تسليما بخلاف اهل العصر الحاضر يريدون تعقل كل شئ حتى المسائل الغيبية الروحية فيما وراء الطبيعة بعقلهم القاصر وقياسهم المحدود مع ما هم فيه من ضلالة وفسق وفجور ادي الي غلظ حجابهم البشري حتى لا يدركو هذه الحقائق الالهية ، والواقع ان من آمن بالالهيات بالغيب كافأه الله بالعيان الشهودي والنظر الروحي عندما يطرقون باب الله بالرياضة وتصفية النفس حتى يكون عندهم الغيب شهادة وعيان ويصبحون من أهل اليقين كما هو عليه شأن الصوفية الصادقين في كل زمان ومكان .
مالك عليه السلام:
    هو خازن النار وحافظها[144] ورئيس زبانيتها وله السيطرة علي عذاب من فيها في السبع الوديان الوارد الخبر عنها وما تفرع منها من الاماكن المعدة لعذاب الكفار والمذنبين من جميع الملل والنحل وهي قدرة اعطاها الله له نور الملائكة لا يتأثر بنار الجحيم ونفس النشأة الأخرى لأهل الجنة والنار مخالفة لنشأة الدنيا المادية لذلك كان لا موت ولا مرض ولا فضلات لاهل الجنة ولا فناء لاهل النار ولا غرابة في ذلك – في هذه الدنيا طير بجهة الهند يسمي السلمندر يدخل النار الوججة ويغتسل فيها كما تغتسل الحيوانات في الماء ومن ريشه تعمل مناديل حرير يسمي الحرير الصغرى يغسل في النار ولا يحترق وقد عمل المحدثون ورقا يسمي ورق حرارة يوضع في وابورات الغاز ولا يحترق الا بعد استعمال طويل وكذلك رتائن اللمبات المضيئة تصنع من قماش غير قابل للحرق الا بعد استعمال طويل ايضا كما هو مشاهد وهذه الاشياء التي هي دنيانا تقرب لنا فهم عدم الفناء في النار علي وجه تقريبي فكيف بالنشأة الأخرى من لدن حكيم خبير علي كل شئ قدير ويخلق ما لا تعلمون.
رضوان عليه السلام:
     خازن الجنات[145] الثمانية ورئيس ملائكتها الرحمانية في جميع درجات الجنة وله نصيب من اسمه لانه دائما في الرضا والسرور وكذلك جميع اهل الجنة ، وهو يتعهد اهل الجنة بالهدايا والتحف المتجددة بكل انواع الملاذ والنعيم بإذن الرحمن الرحيم جعلنا الله من اهلها وهو ارحم الراحمين .
    وفواكه الجنة تمتاز بأن آكلها ينظر اليها فيجد من التفاحة مثلا جملة ألوان بهيجة حتى انه يرى فيها ألوان الذهب والفضة وألوان الجواهر والأحجار الكريمة وفي الوقت نفسة يشم منها جملة روائح عطرية مفرحة ومنعشة فأذا أكل منها قطعة تنوعت من فيه جملة أنواع المذاقات اللذيذة واذا اخذ قطعة  اخرى تنوعت الطعوم الي لذات اخرى وهكذا لا تنناهي فجميع الحواس تتلذذ وقس علي ذلك في سائر التنتعات من منكوح وخلافه كما ان خرير الهواء علي الاشجار يحدث من الاصوات الموسيقية المتنوعةمالا يخطر علي قلب – اما انهار الجنة من الماء والعسل واللبن وغيرها فهي تجري علي سطح ارض الجنة بغير اخدود وقد يكون النهر متعدد الانواع يجرى كل نوع بجواز الاخر بغير اختلاط وقل في قدرة الله ما شئت لمن اراد ان يكرمه الله  .
الكربيون عليه السلام:
      وهم الملائكة المهيمون[146] في جلال الله وعظمته وملائكة حجب العزة لا يعلمون ان الله خلق آدم وابليس كما لا يعلمون من خلق الله شيئا لما هم فيه من الاستغراق في الجلال والجمال والكمال الالهي والملك الروح المساوئ لجميع الملائكة في الصف ويزيد عليهم وله الهيمنه علي جميع ما خلق الله – واحد من هؤلاء الكروبيين اصطفاه الله لإدارة أفلاكه المخلوقه في هذا العالم .
ملائكة السموات السبع عليهم السلام:
    هم ملائكة مداومون علي التسبيح والتقديس والتهليل والتكبير منهم الساجد والراكع والرافع يسبحون الله الليل والنهار لا يفترون حتى تقوم الساعة، وعن ابن عباس رضي الله عنهما ان ملائكة السماء الدنيا علي صورة البقر وقد وكل الله بهم ملكا يسمي اسماعيل وان ملائكة السماء الثانية علي صورة العقاب وكل بهم ملك يسمي ميخائيل وملائكة السماء الثالثة علي صورة النسر وقد وكل بهم ملك اسمه عديائيل وملائكة السماء الرابعة علي صورة الخيل وقد وكل بهم ملك يسمي صلصيائيل وملائكة السماء الخامسة علي صورة الحور وقد وكل بهم ملك يسمي كلكيائيل وملائكة السماء السادسة علي صورة بني آدم والملك الموكل بهم اسمه روقائيل .
   وفوق السموات السبع حجب فيها ملائكة لا يعرف بعضهم بعضا لكثرة عددهم يسبحون الله تعالي بلغات مختلفة ولهجات متباينة وفي سدرة المنتهي ملائكة آخرون لا يعرف عددهم الا الله لهم تسبيح وتهليل يفوق عبادة بني آدم ومع ذلك جعل الله جميع هذه العوالم في خدمة بني آدم وفضل الانبياء والصالحين منهم علي سائر خلقه من الملائكة لان خواص البشر افضل من خواص الملائكة وعوام الملائكة افضل من عوام البشر فسبحان ربك رب العزة عما يصفون وسلام علي المرسلين والحمد لله رب العالمين .
الحفظة عليهم السلام:
       قال ابن جريح هما ملكان[147] كريمان احدهما على  يمين الانسان والاخر على يساره اثنان بالنهار واثنان بالليل وواحد خامس  لايفارق الانسان قال تعالى"( كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ * وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ *كِرَامًا كَاتِبِينَ *يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ)[148] وصاحب اليمين يكتب الحسنات  وصاحب الشمال يكتب السيئات  ولصاحب اليمين الرئاسة على صاحب الشمال،الاول يكتب الحسنة بعشرة كما جاء  فى القرآن والثانى يكتب السيئة بواحدة  ويملهه ست ساعات للاستغفار والتوبة والا كتبها أو ربما عمل حسنة  فتمحو هذه السيئة وهذا  من فضل الله ورحمته  قال تعالى (مَنْ جَاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا وَمَنْ جَاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ)[149]  وقال تعالـى(إنّ الـحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السّيّئات)[150] وفى اية اخرى (يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ.([151] وهذا فضل ورحمة من كريم رحيم سبحانة وتعالي .
    واهل الكشف والشهود يرون هؤلاء الحفظة وغيرهم ، واذا مات العبد الصالح الذي تولاه الله بقي الكرام الكاتبون علي قبره للاستغفار له وقضاء مصالح العباد الذين يأتون لزيارته ان كان من اهل الاعتقاد كما جاء في الخبر الصحيح وهذا من بعض تصاريف اهل الولاية في البرزخ بعد انتقالهم اليه .
الملائكة المقبات عليهم السلام:
     وهم الملائكة[152] الذين ينزلون بالبركات ويصعدون باعمال بني آدم بالليل والنهار فاذا واظب الانسان علي الصلوات في أول أوقاتها في صلاة النهر والليل فجرا وعشاء فلا يرفعون له غير الحسنات لأن الصلاة تكفر ما بينها من الذنوب الصغائر ومما يثبت أمر هؤلاء الملائكة ما روى عن النبي صلي الله عليه وسلم قال: (يقول الله تعالى: يا ابن آدم ما تُنصفني، أتحبّبُ إليك بالنّعم وتمقت إليّ بالمعاصي، خيري إليك مُنزل، وشَرُّك إليَّ صاعد، ولا يزال ملك كريم يأتيني عند كل يوم وليلة بعمل قبيح، يا بن آدم لو سمعت وصفك من غيرك وأنت لا تعلم من الموصوف لسارعت إلى مقته)[153] .
منكر ونكير عليهما السلام:
       هما ملكان غليظان يسألان الانسان في القبر كل احد عن ربه ونبيه، عن انس بن مالك قال قال رسول الله صلي الله عليه وسلم (العَبْدُ إذَا وُضِعَ فِي قَبْرهِ وَتَولَّى وَذَهَبَ أَصْحَابُهُ، حَتَّى إنَّهُ لَيَسْمَعُ قَرْعَ نِعَالِهمْ، أَتَاهُ مَلَكَانِ فَأَقْعَدَاهُ فَيَقُولاَنِ لَهُ: مَا كُنْتَ تَقُولُ فِي هَذا الرَّجُلِ محمَّدٍ صلَّى الله عليه وسلَّم ؟ فيقولُ: أَشْهدُ أنَّهُ عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، فيُقَالُ: انْظُرْ إلَى مَقْعَدِكَ فِي النَّارِ أَبْدَلَكَ اللهُ بهِ مَقْعَداً مِنَ الْجَنَّةِ. قالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلّم: فَيَراهُمَا جَمِيْعَاً، وَأمَّا الكَافِرُ أو الْمُنَافِقُ فَيَقولُ: لاَ أَدْرِي، كُنْتُ أَقُولُ مَا يَقُولُ النَّاسُ. فَيُقَالُ: لاَ دَرَيْتَ وَلاَ تَلَيْتَ، ثُمَّ يُضْرَبُ بِمْطَرَقَةٍ مِنْ حَديدٍ ضَربةً بَيْنَ أُذُنَيْهِ فَيَصِيْحُ صَيْحَةً يَسْمَعُهَا مَنْ يَلِيَهُ إلاَّ الثَّقَلين)[154].
ايضاح:
     مسألة حياة البرزخ[155] في القبر وغيره اصبحت بعد اكتشاف الجسم الاثيري[156] وهو حجاب الروح الذي يبقي مع الروح بعد مفارقتها الجسد اصبحت منهومة ومعقولة لمثل من يعذب في القبر او ينعم اذ ان نفس هذا الجسم المادي بمعزل عنه، وقد ذكر عن ذلك الجسم الاثيرى علماء الروحانية الحديثة مثل العالم الإنجليزى ويليام كروكس في كتابة مباحث الروحانية وجاء في كتاب اشباح الاحياء جملة حوادث تثبت ذلك ومن طالع اخبار فرنسيس كسفاريوس وانطنيوس البادي تأكد له وجود هذا الجسم الاثيرى الذي يبقي بعد الموت وهذا الجسم الاثيرى قد ينفصل عن الانسان بعض الاحيان في اليقظة وهي مسألة شائعة عند الصوفية قديما وحديثا ويراهم اهل الكشف عيانا وهذه الحالة هي نفس حياة اجسام الشهداء والولياء ، وكذلك يري هذه الاشباح بعض وسطاء الروحانية الحديثة المعبر عنها بالوسطاء الناظرين وهم فئة لديهم خاصية الانطلاق البصري الروحي .
هاروت ما روت:
   همان ملكان[157] معذبان ببابل، عن ابن عباس رضي الله عنهما انه لما خرج آدم من الجنة صلي الله عليه وسلم عريانا نظرت اليه الملائكة وقالت : الهنا هذا آدم بديع فطرتك اقله ولا تخذله فمر بعض من الملائكة فوبخوه علي نقضه عهد ربه وكان من وبخه يومئذ هاروت وماروت، فقال آدم يا ملائكة ربي ارحموا ولا توبخوا فذلك الذي جري علي كان قضاء ربي فابتلاهما الله تعالي حتى عصيا ومنعا من الصعود الي السماء فلما كان ايام ادريس عليه السلام صارا اليه وذكرا له قصتهما ثم قالا له : هل لك ان تدع لنا حتى يتجاوز عنا ربنا فقال ادريس عليه السلام كيف لي العلم بالتجاوز عنكما ؟ ادع لنا فان رأيتنا فهو الاستجابة وان لم ترنا هلكنا فتوضأ ادريس عليه السلام وصلي ودعا الله تعالي ثم التفت فلم يرهما فعلم ان العقوبة قد حلت بهما واختطفا الي ارض بابل ثم خيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الاخرة فاختارا عذاب الدنيا فهما مسلسلان معذبان في بئر بارض بابل منكسين الي يوم القيامه ، عن بن عمر قال: (أاشرفت الملائكة علي اهل الدنيا فرأوهم يعصون الله فقالوا: يا ربنا ما أقل معرفة هؤلاء بعظمتك ؟ فقال الله تعالي: لو كنتم من صلاحهم لعصيتموني قالوا كيف يكون هذا ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك فقال اختاروا ملكين فاختاروا هاروت وماروت ثم اهبطا الي الارض وركبت فيهما شهوات ابن آدم ومثلت لهما فما عصما حتى واقعا في المعصية فخيرا بين عذاب الدنيا وعذاب الاخرة، فنظر احدهما الي صاحبه فقال له ما نقول ؟ فقال اقول: ان عذاب الدنيا  لينقطع وعذاب الاخرة لا ينقطع فاختاروا عذاب الدنيا فهما اللذان ذكرهما الله تعالي في قوله: (وَمَا أُنزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ)[158] وفي رواية اخرى ، قال الله سبحانة وتعالي لهما: اني ارسل رسولا الي الناس وليس بيني وبينكما رسولا انزلا ولا تشركا بي شيئا ولا تقتلا ولا تسرقا قال كعب فما استكملا يومهما الذي نزل فيه حتى اتيا ما حرم عليهما)[159] .
تعليق :
   معصية هاروت وماروت حجة لله وتعالي علي الملائكة في قولهم: ((أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ)[160] فعبادة الملائكة بالجبلة والفطرة فتسبيحهم غذاؤهم حياتهم كتنفس الحيوان وبني آدم للهواء فهو بالجبله والفطرة وهي حياته فهل للانسان والحيوان فضل في حياته كذلك لا فضل للملائكة في عبادتهم بل الفضل لله سبحانه وتعالي واما عبادة ابن آدم فبا المجاهدة بتوفيق الله ايضا لانه مركبة فيه الشهوة والغضب والهدي واغواء ابليس اللعين فهي عوامل متعدده تستدعي المجاهدة لذلك ارسل الله الرسل صلوات الله عليهم لارشاد الناس وليكونوا حجة لله علي عبادة وشهداء عليهم .  
الملائكة المدبرون للكائنات:
  هم الملائكة الموكلون بتدبير احوال المخلوقات قاطبة لاصلاحها ودفع الفساد عنها وقد وكل لكل فرد من افرادها من الملائكة ماشاء الله تعالي، روي ابو امامه رضي الله تعالي عنه عن رسول الله صلي الله عليه وسلم انه قال : (وكل بالمؤمن تسعون ومائة ملك يذبون عنه ما لم عليه من ذلك البصر تسعة أملاك يذبون عنه كما تذبون عن قصعة العسل الذباب في اليوم الصائف )[161] ، وأما المائة والستون فأمر عرفه النبى صلى الله عليه وسلم بنور النبوة، ولكننا نمثل جهة التغذى لأنه أمر مشترك بي الحيوان والنبات. وأنت تقيس عليه غيره من الجهات.. فتقول: ان جزئا من الغذاء لايصير جزءا من المتغذى حتى يعمل فيه عددا من الملائكة، ومعنى التغذى أن يصير جزءا من الغذاء من المتغذى،فأن الغذاء جماد لايصير دما ولحما وعظما بنفسه، كما ان البر(القمح)لا يصير طحينا وعجينا ورغيفا حتى تعمل فيه يد الصنّاع فصنّاع الظاهر أناس، وصناع الباطن الملائكة، فقد أسبغ الله عليك نعمه ظاهرة وباطنة. وأقول :أولا: لابد من ملك يجذب الغذاء الى جوار اللحم والعظم، فان الغذاء لا يتحرك بنفسه ولا بد من ثان يمسكه حتى تعمل فيه الحرارة، ثملا بد من ثالث يلبسها صورة الدم، ثم لابد من رابع يدفع القدر الفاصل عن الغذاء ثملابد من خامس يميز العظم واللحم والعروق ومايليق بها، ولا بد من سادس يلصق ما اكتسب صورة العظم بالعظم وما اكتسب صورة اللحم باللحم. ثم لابد من سابع يراعى المقادير فى الألصاق، فليلحق بالمستدير ما لايبطل استدارته، وبالعريض مالا يبطل عرضه والمجوف مالايبطل تجويفه ويحفظ على كل واحد مقدار حاجته ويدفع الزائد فأنه لو جمع الأنف من الغذاء مقدار مايضع للفخد حاجته، لتشوهت الصورة، بل ينبغى أن يسوق الى الأجفان رقيقها والى الحدقة صافيها والى اللإفخاذ غليظها والى العظم صلبها مع مراعاة القدر والشكل والا بطلت الصورة.. فلو لم يراع هذا الملك هذا القسط فساق الغذاء الى جميع البدن ولم يسق الى رجل واحدة مثلا لبقيت تلك الرجل كما كانت فى ايام الصغر وكبر باقى اجزاء البدن. فهذه الهندسة مفوضة الى هذا الملك فهذا حال بعض الملائكة الموكلين ببدن بنى أدم فهم مشتغلون بك وأنت فى النوم اوفى الغفلة وهم يصلحون بدنك (وَإِن تَعُدُّواْ نِعْمَةَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا)[162] ولنا في المرض بتشوية اجسامهم عبرة فيما اصابهم بسبب ما قدر الله عليهم فتتخلف الملائكة عن تدبير عضو فتحصل الامراض التي لا تتناهي وهكذا تدبير الملائكة لجميع الكائنات[163] فما من شئ الا وقد وكل الله به ملك أو ملائكة لتدبيره قال تعالي (فَالْمُدَبِّرَاتِ أَمْرًا)[164] وهم الملائكة .
تعليق وشرح:
      يظن بعض الغافلين[165] عن هذه الاسرار الذين غمروا بالعلوم الحديثة غير الملمين بالحقائق الالهية ان هذه الاقوال خرافات محتجين بما درسوه من علم وظائف الاعضاء والحركة الدموية وما لا ينافي عمل الملائكة في الخفاء لا نهم نور يسري في الاشياء دون ان يحس او يري وهؤلاء المعاندون لا يؤمنون بما يرون وقد سبق ان انكروا الروح والجسم الاثيري للروح وحياة ما بعد الموت ثم توصلوا اليه بعد الوف السنين من اخبار الكتب السماوية وكانوا قبل ذلك يعدوه من الخرافات للبسطاء وهو بلاء ابتلي به هؤلاء القوم واغتروا بقشور العلوم ظانين انهم احاطوا بكل شئ علما وما هم الا تائهون في دياجي ظلمات العلم الكوني بعقولهم القاصره المحدودة، فانهم لو تدبروا حركة الدورة الدموية و ما قيل فيها من المكروبات الضارة والنافعة ومن الكرات الدموية الحمراء والبيضاءالدائبة في إصلاح الدم وحمايته من الفساد لعملوا من أول وهله ان هذه الكرات الدقيقة التي لا ترى ان هي الا انواع الملائكة الذين سبق الحديث عنهم في بحثنا لا ننا ذكرنا ان الملائكة انواع واشكال متعددة كل شكل ونوع يليق بعمله وما قدر له من وظيفة وتصريف وكذلك الدورة العصبية اي الجهاز العصبي الشوكي والمخي وسائر الاخلاط والحركات الحيوية التي حار فيها الطب قديما وحديثا .
     وجاء في بعض الاخبار عن الصالحين ان شخصا اصيب بمرض مستعصي حارت فيه اطباء البدن وعندما اوما اليه رجل صالح ايماء او اعطاه اي عنصر من العناصر شفي في الحال وما ذلك الا باطاعة ملائكة التدبير في اصلاح جسم ذلك المريض لهذا الرجل الصالح اكراما من الله له فيندهش الناس لذلك مع ان هذا من بعض اسرار الله في الكائنات، وقد ذكر الغزالي رضي الله عنه في كتاب الأحياء انه اذا صدق المريض مع الله يغنيه عن الطبيب البدني ويشفيه بأقل الاسباب من الامراض المستعصية وغيرها ولنا في شفاء الاكمه والابرص بل واحياء الموتي بواسطة سيدنا عيسي مثال للامكان اذ ان ما كان معجزة لنبي جاز ان يكون زمان ومكان الي يومنا هذا .
   وبخلاف السياحون[166] الذين يحبون مجالس العلم والذكر، توجد ملائكة حفاظ الاسماء والآيات القرآنية والحروف وهي ملائكة نورانية الا انها من صنف آخر يظهرون للمريدين والذاكرين في خلواتهم وجولاتهم بشكل اشخاص سمر جميلي الطلعة حور العيون مخططون مكحولين في غاية من الجمال والكمال الخلقي وهم معينون لاهل العبادات والرياضات في عباداتهم وحفظهم من غوائل النفس والشيطان الرجيم ومن اهم واجبهم تثبيت الذاكرين والمرتاضين علي احوالهم وادخال السرور عليهم وذلك بشرى وتشجيعا لهم كي يجدوا في سيره، وهذه الحالة شائعة ومعروفة بين الصوفية والمرتاضين وسارت بها الركبان في كل وقت وزمان وذكرت كثيرا في تراجمهم .


[1] تعريف القرآن الكريم لغة واصطلاحاً:  لغة: المشهور بين علماء اللغة : " أن لفظ القرآن في الأصل مصدر مشتق من قرأ " يقال قرأ قراءة وقرآناً ، ومنه قوله تعالى : { إن علينا جمعه و قرآنه فإذا قرأناه فاتبع قرآنه }. ثم نقل لفظ القرآن من المصدرية وجعل علماً .
قال الزرقاني في كتابه " مناهل العرفان " : أما لفظ القرآن فهو في اللغة مصدر مرادف للقراءة ثم نقل من هذا المعنى المصدري وجعل اسماً للكلام المعجز المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم من باب إطلاق المصدر على مفعوله ، ذلك مما نختاره استناداً إلى موارد اللغة وقوانين الإشتقاق وإليه ذهب اللحياني وجماعة.
اصطلاحاً: وأما تعريف القرآن اصطلاحاً فقد تعددت آراء العلماء فيه وذلك بسبب تعدد الزوايا التي ينظر العلماء منها إلى القرآن .
فقيل: " القرآن هو كلام الله المنزل على سيدنا النبي محمد صلى الله عليه وسلم المكتوب في المصاحف المنقول بالتواتر المتعبد بتلاوته المعجز ولو بسورة منه ". وقيل: هو كلام الله تعالى المنزل على سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بلفظه ومعناه والمنقول إلينا بالتواتر.  والبعض بعضهم يزيد على هذا التعريف قيوداً أخرى مثل : المعجز أو المتحدى بأقصر سورة منه أو المتعبد بتلاوته أوالمكتوب بين دفتي المصحف أو المبدوء بسورة الفاتحة والمختوم بسورة الناس انظر 1- الإتقان في علوم القرآن * جلال الدين السيوطي الجزء الأول دار الجيل 2- بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز* مجد الدين الفيروز أبادي الجزء الأول المكتبة العلمية.
[2] سورة النساء: آية 82.
[3] سورة الاسراء .آية 88.
[4] سورة الزمر آية 27.
[5] سورة العنكبوت: آية 43.
[6] سورة الإسراء: آية {82} - إن الآيات القرآنية جامعة بدلالاتها وإشاراتها لأنواع الكلام والمعارف الحقيقية والحاجات البشرية كالأمر والنهي، والوعد والوعيد، الترغيب والترهيب، الزجر والإرشاد، القصص والأمثال، الأحكام والمعارف الإلهية، العلوم الكونية، وقوانين وشرائط الحياة الشخصية والحياة الاجتماعية والحياة القلبية والحياة المعنوية والحياة الأخروية. حتى يصدق عليه المَثَل السائر بين أهل الحقيقة: (خذ ما شئت لما شئت) بمعنى أن الآيات القرآنية فيها من الجامعية ما يمكن أن يكون دواء لكل داء وغذاء لكل حاجة.
[7] سنن الترمذي (2875).
[8] سورة الاخلاص: آية 1.
[9] خزينة الأسرار- للسيد محمد حقي النازلي ص 117- 118.
[10] أن أهل التفسير وصناع الكلام لهم أقاويل فاقت في كثرتها بسبب الحروف المنفصلة التي بأوائل السور الشريفة . وهم لهم اوجه عديدة اختلفوا فيها علي مذهبين :فأول هذه المذاهب هو مذهب أهل الظاهرو الثاني مذهب أهل الحقائق العارفين ، والمذهبان هما للسلف: ومنهم  من اعرض عن التأويل.
[11] لسورة الفاتحة كما ذكر السيوطي في كتابه "الإتقان في علوم القرآن" أكثر من عشرين اسماً، وهذا يدل على شرفها لأن كثرة الأسماء تدل على شرف المسمى. لقد عدد فقهاء المسلمين أكثر من اثني عشر اسما لسورة الفاتحة - كما قال الإمام القرطبي - منها الحمد والأساس والشافية والكافية والسبع المثاني وأم الكتاب والقرآن العظيم والرقية ..وفي الحديث عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، قَالَ : " بَيْنَمَا جِبْرِيلُ عَلَيْهِ السَّلامُ جَالِسٌ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، إِذَا سَمِعَ نَقِيضًا مِنْ فَوْقِهِ ، فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ ، فَقَالَ : إِنَّ هَذَا الْبَابَ مِنَ السَّمَاءِ ، قَدْ فُتِحَ , مَا فُتِحَ قَطُّ ، قَالَ : فَنَزَلَ مِنْهُ مَلَكٌ ، قَالَ : إِنَّ هَذَا الْمَلَكَ قَدْ نَزَلَ , مَا نَزَلَ إِلَى الأَرْضِ ، قَالَ : فَجَاءَ الْمَلَكُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَلَّمَ عَلَيْهِ , وَقَالَ : يَا مُحَمَّدُ ، أَبْشِرْ بِنُورَيْنِ أُوتِيتَهُمَا لَمْ يُؤْتَهُنَّ نَبِيٌّ قَبْلَكَ : فَاتِحَةُ الْكِتَابِ ، وَخَوَاتِيمُ سُورَةِ الْبَقَرَةِ ، لَنْ تَقْرَأَ حَرْفًا مِنْهُمَا إِلا أُوتِيتَهُ " . رَوَاهُ مُسْلِمٌ فِي الصَّحِيحِ ، عَنِ الْحَسَنِ بْنِ الرَّبِيعِ , وَأَحْمَدَ بْنِ حَوَّاسٍ،أم الكتاب.الشفاء.الوافية.الكافية.الحمدُ.السبع المثاني.
عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: "قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أم القرآن هي السبع المثاني والقرآن العظيم رواه البخاري في صحيحه، رقم: 4704 - أنها ركن من أركان الصلاة ، لا تصح الصلاة إلا بها ؛ فروى البخاري (756) ومسلم (394) عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ رضي الله عنه أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (لَا صَلَاةَ لِمَنْ لَمْ يَقْرَأْ بِفَاتِحَةِ الْكِتَابِ) .
[12] كتاب خزينة الأسرار ص 117- 119. السيد محمد حقي النازلي .
[13] المصدر السابق.
[14] المصدر السابق.
[15] سورة البقرة: آية 255.
[16] أخرجه مسلم رقم الحديث: 1349.
[17] الأسماء والصفات ص 366-367  قال الهيثمي في مجمع الزوائد(6/323)" (رواه الطبراني ورجاله رجال الصحيح).
[18] كتاب الدر المنثور - بغية الباحث عن زوائد مسند الحارث رقم الحديث: 729 عَنِ الْحَسَنِ , أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَفْضَلُ الْقُرْآنِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ , وَأَعْظَمُ آيَةٍ فِيهِ آيَةُ الْكُرْسِيِّ " ، قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ قَرَأَ فِي لَيْلَةٍ مِائَةَ آيَةٍ لَمْ يُحَاجَّهُ الْقُرْآنُ , وَمَنْ قَرَأَ بِمِائَتَيْنِ كُتِبَ لَهُ قُنُوتُ لَيْلَةٍ , وَمَنْ قَرَأَ مِنَ الْمِائَةِ إِلَى الأَلْفِ أَصْبَحَ وَلَهُ قِنْطَارٌ , وَالْقِنْطَارُ دِيَةُ أَحَدِكُمُ اثَنَا عَشَرَ أَلْفًا , قَالَ : وَإِنَّ أَصْفَرَ الْبُيُوتِ مِنَ الْخَيْرِ الْبَيْتُ الَّذِي لا يُقْرَأُ فِيهِ الْقُرْآنُ ، وَإِنَّ الشَّيْطَانَ لِيَفِرُّ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي يُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ .
[19] كتاب تنوير الاوراد لمحمد بن قطب الدين - تفسير أبي السعود - أبي السعود - ج ١ - الصفحة ٢٤٩.
[20] كتاب تنزيه الشريعة المرفوعة /436 ابن عراق الكناني.
[21] رواه ابن السني في ( عمل اليوم والليلة ) برقم ( 344 ).
[22] كذا في تفسير القدس - الشيخ البوني.
[23] مسند أبي داود الطيالسي رقم الحديث: 1058.
[24] كذا في المعالم - تفسير ابن كثير/سورة الإخلاص.
[25] الطبراني في الأوسط (1/198)- رواه أبو أحمد الدارمي في مسنده 2459.
[26] خزينة الأسرار ص 158- السيد محمد حقي النازلي.و قوله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ وذلك أن قريشاً قالوا له صِفْ لنا ربَّك الذي تعبده وتدعونا إليه ما هو؟ فأنزل الله تعالى: قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يعني: قل يا محمد للكفار إني ربي الذي أعبده هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ يعني: فرد لا نظير له ولا شبيه له ولا شريك له ولا معين له انظر  كتاب بحر العلوم(3/635)المؤلف: أبو الليث نصر بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السمرقندي.
[27] المصدر السابق.
[28] الجامع الصغير.
[29] الدر المنثور (8/675) – السيوطي.
[30] الدر المنثور (8/674)) – السيوطي.
[31] (خزينة الأسرار) ص157 – 166. للسيد محمد حقي النازلي.
[32] في نهاية القرن السادس للهجرة كتب فخر الدين الرازي (ت606هـ/1210م) كتاب «النفس والروح» لخص فيه مذهبه وقدم الحجج والبراهين لإثبات خلود جوهر النفس ومغايرته للبدن الذي لا يكف عن التبدل والتغير حتى ينتهي بالانحلال والموت. وقدم الرازي في تفسيره عرضاً مفصلاً لنظرية الإنسان حين تعرض لشرح قوله تعالى: )قل الروح من أمر ربي( (سورة الإسراء85.). وصارت آراؤه في الإنسان تعبر عن القناعات التي تكونت لدى أكثر المفكرين، ويؤكد الرازي أن الإنسان لا يجوز أن يكون هذا «الهيكل المحسوس»، لأن أجزاءه أبداً في النمو والذبول والزيادة والنقصان ولا شك أن الإنسان من حيث هو هو أمر باقٍ من أول عمره إلى آخره فالمشار إليه عند كل واحد بقوله «أنا»، واجب أن يكون مغايراً لهذا الهيكل.
[33] سورة الإسراء: آية {85}
[34] الروح في اللغة تعني الأحياء من الموات ، يقول ابن منظور ( في لســـــــان العرب ) : والروح بالضم في كلام العرب النفخ ، سمي روحاً لأنه ريح يخرج من الروح .وقد أطلقـــت كلمة ( روح ) في القرآن ، علي عدة أشــــياء كل منها يبعث نوعاً من أنواع الحياة . ومن بينــــــها: ( القرآن ) نفســــــه لأنه يحي موات القلوب . و( جبريل ) علية الســـلام لأنه هو الذي ينفخ الأرواح في الأرحــــــام ، و( الوحي ) لأنه نزل القران.و ( الإسلام ) لأنه به تحي الشعوب. ونبي الله ( عيسي ) عليه السلام لان كان يحي الموتى بإذن الله .  وفيما سوي ذلك فان كلمة ( روح ) في اى اللغة فضفاضة يمكن أن تاخد معنـــي الصفة وان تطلق - مجازاً علي كل ما يبعث ( الحياة ) في شي . وكلمة ( الحياة ) هذه بدورها أيضا كلمة فضفاضة واســــعة المعني جداً.
[35] أن الله عز وجل قد ذكر النفس في القرآن في مائتين وثمانية وتسعين موضعاً في المعاني التالية : ( 1 ) الكائن الخفي الموجود داخل الجسد( 2 ) بمعنى الإنسان بجملته ( 3 ) بمعنى الذات المعنوية . وقد استطعنا أن نعرف من كل تلك الآيات الشـــريفة حقيقة النفس وصفاتها وأفعالها وأحوالها ومراحل تطورها منذ ابتدأ خلقــــــها ثم حياتها وعند مماتها وإنتهاء بحسابها وجزائها وعلاوة على ذلك فإن الله يأمرنا بأن نزيد علمنا بالنفس عن طريق إمعان الفكر فيها فقال تعالى : ( وفي أنفسكم آفلا تبصرون ) . ومن بين ما أطلق عليه صفة ( الروح ) النفس أيضاً والسبب في وصف النفس بأنها ( روح )  وهو أن الله عز وجل قد أوع فيها ( أي النفس ) خصائص كثيرة أهمها الوعي ، وهو أول ما يميز بين الإنسان الحي وبين الجســـــــد الهامد والنفس هي التي تدرك المعاني وتشعر بالمؤثرات وتحس بالعواطف وغير ذلك من الأفعال التي نسبها القرآن ( للنفس ). 
[36] كتاب الروح وماهيتها – السيد محمد الحريري البيومي.
[37] يقول الله تعالى (بسم الله الرحمن الرحيم وننشئكم فيما لاتعلمون ولقد علمتم النشأة الاولى فلولاتذكرون) وهنا النشئ الغيبي ففي الآخره يختلف نشئنا هذا عن النشئ الآخر،  الله تعالى خلقنا وبعد خلقه للروح جعل هذه الروح قابله لااي صور وهي صور التغيير من حال الى حال ،  يقول الله تعالى (الذي خلقك فسواك فعدلك في اي صورة ماشاء ركبك  الذي خلقك فسواك فعدلك وهي هذه النشأةالظاهره ثم قال في اي صورة ما شاء ركبك اي هذه النشأة المسواه المعدله قابله لجميع الصور فيجليه الله تعالى في اي صوره شاء.  اذا جعل الله الروح البشريه قابله للتغير من صوره الى صوره .. بعد ما خلق الله الروح خلق معها الصور التي هي قابله لتكون في احدها او في كلها على ما رتبه القدير
[38] الحديث قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث : ( الأرواح جنود مجندة ) ( ص 426 ): قال الخطابي: يحتمل أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد ، وأن الخير من الناس يحن إلى شكله والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير وشر ، فإذا اتفقت تعارفت ، وإذا اختلفت تناكرت . ويحتمل أن يراد الإخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجسام ، وكانت تلتقي فتتشاءم ، فلما حلت بالأجسام تعارفت بالأمر الأول فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق من العهد المتقدم فتح الباري شرح صحيح البخاري.
[39] علم الروح :هذه المسألة مختلف فيها بين العلماء كما اختلفوا في علم الساعة قال الإمام فخر الدين الرازي : ((وثالثها : أن مسألة الروح يعرفها أصاغرة الفلاسفة وأراذل المتكلمين فلو قال الرسول صلى الله عليه وسلم إني لا أعرفها لأورث ذلك ما يوجب التحقير والتنفير فإن الجهل بمثل هذه المسألة يفيد تحقير أي إنسان كان فكيف الرسول الذي هو أعلم العلماء وأفضل الفضلاء .ورابعها : أنه تعالى قال في حقه : ( الرحمن علم القرآن ) ( وعلمك وما لم تكن تعلم وكان فضل الله عليك عظيماً ( وقال ( وقل ربي زدني علماً ).. وقال في صفة القرآن ( ولا رطب ولا يابس إلا في كتاب مبين )..فمن كان هذا حاله وصفته كيف يليق به أن يقول أنا لا أعرف هذه المسألة !!! ))التفسير الكبير / الرازي 21/37 - المطبعة البهية ، مصر. قال الإمام الغزالي :((وأما الروح التي هي الأصل وهي التي إذا فسدت فسد لها سائر البدن فذلك سرّ من أسرار الله .. ( إلى أن قال ) فلا يدرك بالعقل شيء من وصفه بل بنور آخر أعلى وأشرف من العقل يشرف ذلك النور في عالم النبوة والولاية ، ونسبته إلى العقل نسبة العقل والوهم والخيال )) إحياء علوم الدين / للإمام محمد الغزالي حجة الإسلام - ج4ص115- ط دار المعرفة - بيروت..
[40] يقول الله تبارك وتعالي: ( الله يتوفى الأنفس حين موتها والتي لم تمت في منامها فيمســـــــك التي قضي عليها الموت ويرسل الاخري إلي اجل مسمي ) ومما يدل علي انفصال النفــــس وغيابها عن الجسد عند النوم هو غياب العقل والتميز وسائر الملكات البشرية وحتى الحيوانية عند النوم وسكون حركة الجسد الاختيارية  لدي النائم . وكل هذه من خصائص النفس لان البدن جسم مادي لا يعي . يدل ذلك كله علي أن نفس النائم تخرج وتنفصل عن جسده وتفارقه فراقاً مؤقتاً ونص الآية الكريمة يدل قطعاً علي أن الإنسان يكون في حالة النوم جســـــداً خالياً من النفس ولكن ما نشاهده في النائم أن جســــده يبقي حياً وتتنفس رئتاه وينبض قلبه .ويظل محتفظاً بسائر مظاهر الحياة الجسمانية أو البيولوجية . معني ذلك أن غياب نفس الإنسان وانفصالها في حالة منامه لا يؤثر علي حياة الجسد العضوية ولا ينقص منها ، وبالتالي أن النفـــس ليس هي مصدر الحياة العضوية  في الجسد .ولو إنها كانت هي مصدر الحياة لمات الجســـد بمجرد غيابها عنه . وحيث تبين ذلك فان الأمر يلتزم ماهية ثالثة في الجسد هي التي تبعث فيه الحياة وهي التي تظل باقية فيه ولا تفارقه في النوم واليقظة وتلك هي الروح . كتاب ماهية النفس - أحمد كرار أحمد الشنقيطى.
[41] رواه مسلم فى صحيحه 4773.
[42]  سورة آل عمران: 6.
[43] كتاب الروح وماهيتها – السيد محمد الحريري البيومي
[44] يمكن إجمال تعريفها على النحو التالي "إنها جوهر بسيط لطيف حي بذاته يختلف عن ماهية الجسم لأنها من العالم الإلهي متخلق على صورة الجسم الإنساني مرتبط بالجسم كله ارتباط سريان النور في الزجاجة وهي التي تدير الجسم وتضفي عليه صفاتها الذاتية من الإدراك والتعقل والشعور بالتسامي والمسؤولية الوجدانية والاحساسات الأدبية الجمالية.
[45] رواره أحمد في المسند (٢/١٧٦ــ ١٩٦) و الترمذي في الإمان (٢/١٠٧) .
[46] المعنى العام لهذا المصطلح هذه يتألف من مفردتين : ( الحقيقة ) و ( المحمدية ) ، الأولى فإن معناها العام : هو كنه الشيء وذاته أو كما يقال ( ماهيته( ، و الأخرى فتشير إلى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، فيكون معنى العبارة كاملة هو : الكنه أو الماهية الذاتية للرسول محمد . صلى الله عليه وسلم،   إن هذا المعنى لهذه العبارة يبعدنا - ولو شكلياً – عن الجانب الصوري أو المظهري للرسول محمد صلى الله عليه وسلم ويجعلنا نركز على الجانب المعنوي له أو البعد الآخر، يقول الشيخ عبد القادر الجيلاني: « قال النبي صلى الله تعالى عليه وسلم : (أول ما خلق الله روحي، وأول ما خلق الله نوري، وأول ما خلق الله القلم، وأول ما خلق الله العقل). فالمراد منها شيء واحد، وهو الحقيقة المحمدية - صلى الله تعالى عليه وسلم-، لكن سمي نورًا لكونه صافيًا عن الظلمات الجلالية، وعقلًا: لكونه مدرك للكليات، وقلمًا: لكونه سببًا لنقل العلم، كما أن العلم سبب في علام الحروف » سر الأسرار ومظهر الأنوار" ص6-7- الشيخ عبد القادر الجيلاني.
[47]   يقول الشيخ أبو العباس أحمد التجاني رضي الله عنه أن "حقيقة الفتح هو ارتفاع الحجب الحائلة بين العبد وبين مطالعة حقائق الصفات والأسماء، ومحق صور الأكوان من علم العبد وحسه وإدراكه وفهمه وتعقله حتى لا يبقى للغير والغيرية وجود إلا وجود الحق بالحق للحق في الحق عن الحق. فإذا وقع هذا، برزت المعرفة العيانية بالضرورة وفاض على العبد بحر اليقين الكلي لكن مع الصحو والبقاء".  كشف الحجاب ج 2/56 – الشيخ أحمد التجانى .
[48] سورة الأنعام الآية:59
[49] سورة البقرة الآية: 255
[50]يقول الشيخ عبد القادر الجيلانى "العارف المقرَّب يُعطَى أيضا نورا يَرى به قربه من ربه عز وجل. ويرى قرب ربه عز وجل من قلبه. يرى أرواح الملائكة والنبيئين وقلوب الصديقين وأرواحهم. يرى أحوالهم ومقاماتهم. كل هذا في سويداء قلبه، وصفاء سره. هو أبدا في فرحه مع ربه عز وجل. هو واسطة يأخذ منه ويفرق على الخلق. منهم من يكون عليم اللسان والقلب، ومنهم من يكون عليم القلب ألْكَنَ اللسان. وأما المنافق فهو عليم اللسان ألْكَنُ القلب" الفتح الرباني ص 254.- الشيخ عبد القادر الجيلانى. وقال ابن القيم.  رحمه الله: "إن الله سبحانه جعل في العين قوة باصرة، كما جعل في الأذن قوة سامعة، وفي الأنف قوة شامة، وفي اللسان قوة ناطقة وقوة ذائقة (...). وأما معاينة القلب فهي انكشاف صورة المعلوم له، بحيث تكون نسبتهُ إلى القلب كنسبة المرئي إلى العين. وقد جعل الله سبحـانه القلب يُبصر ويَعْمَى. قال تعالى: (فَإِنَّهَا لاَ تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) (سورة الحج، الآية: 44). فالقلب يرى ويسمع، ويعمى ويَصِمُّ، وعماه وصممُه أبلغ من عمى البصر وصممِه" مدارج السالكين ج 3 ص 246- ابن القيم.
[51] جاء يوما شاب نصراني في صورة مسلم إلى أبي القاسم الجنيد الخزاز فقال: له: يا أبا القاسم ما معنى قول النبي صلى الله عليه وآله، اتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله؟ فأطرق الجنيد ثم رفع رأسه إليه وقال: أسلم فقد آن لك أن تسلم قال: فأسلم الغلام. تاريخ ابن كثير 11 ص 114 .ونلاحظ أن الإمام ابن كثير ذكر قصص هؤلاء وهو يعلم تفسير كلام الله: عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحداً إلا من ارتضى من رسول...- فارجع إلى تفسير ابن كثير وانظره في محله.
[52] قال التاج السبكي رحمه الله تعالى: - كان عمر رضي الله عنه قد أمَّرَ سارية بن زنيم الخلجي على جيش من جيوش المسلمين، وجهزه على بلاد فارس، فاشتد على عسكره الحال على باب نهوند وهو يحاصرها، وكثرت جموع الأعداء، وكاد المسلمون ينهزمون، وعمر رضي الله عنه بالمدينة، فصعد المنبر وخطب، ثم استغاث في أثناء خطبته بأعلى صوته: (يا سارية! الجبل. من استرعى الذئب الغنم فقد ظلم) .قال العجلوني: وإِسناده كما قال الحافظ ابن حجر حديث حسن ج2. ص380]. فأسمع الله تعالى سارية وجيشه أجمعين، وهم على باب نهاوند صوتَ عمر، فلجؤوا إِلى الجبل، وقالوا هذا صوت أمير المؤمنين، فنجوا وانتصروا. وقال التاج السبكي رحمه الله تعالى: - لم يقصد إِظهار الكرامة، وإِنما كُشِف له، ورأى القوم عياناً، وكان كمن هو بين أظهرهم حقيقة، وغاب عن مجلسه بالمدينة واشتغلت حواسه بما دهم المسلمين، فخاطب أميرهم خطاب مَنْ هو معه-)
[53] جاء في الصحيحين واللفظ لمسلم عن أنس رضي الله عنه أن الناس سألوا النبي صلى الله عليه وآله وسلم حتى أحفوه بالمسألة فخرج ذات يوم فصعد المنبر فقال:" سلوني، لا تسألوني عن شيء إلا بينته لكم، فلما سمع القوم أرموا ورهبوا أن يكون بين يدي أمر قد حضر، قال أنس: فجعلت ألتفت يميناً وشمالاً فإذا كل رجل لافٌّ رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجل من المسجد، كان يلاحى فيُدعى لغير أبيه، فقال: يا نبي الله من أبي؟ قال: أبوك حذافة، ثم أنشأ عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد رسولاً، عائذاً بالله من سوء الفتن ثم قال صلى الله عليه وآله وسلم:"لم أر كاليوم قط في الخير والشر، إني صورت لي الجنة والنار فرأيتهما دون هذا الحائط".صحيح البخاري 3/225، مسلم ج8/ص121 برقم 2359.
[54] صحيح مسلم 5149.
[55] حديث اختصام الملأ الأعلى أخرجه الإمام أحمد (22162) في مسنده الذي ومما جاء فيه : (( فعلمت ما في السموات والأرض وتلا :{وكذلك نُري إبراهيمَ ملكوتَ السموات والأرض وليكون من الموقنين}(الأنعام 75)) وفي رواية : فتجلى لي كل شيء وعرفت، وفي رواية الطبراني: ((فعلمني كل شيء)).
[56] سورة الأنعام الآية:75.
[57] سورة يوسف الآية: 93.
[58] إن معرفة النفس فرض عين لكل سالك في طريق الآخرة لأن من عرف نفسه عرف ربه. وأعني بالنفس اللطيفة الربانية التي سميت فيما بعد بالروح، حيث كانت قبل تعلقها بالجسد في جوار الحق تعالى، ولما وجد الجسد تعلقت به ومالت إلى طبيعته الشهوانية، ووصفها الحق بأنها أمارة بالسوء  ما لم تتزكى  {وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ}  (53 يوسف). فحالها بدون تزكية حال ظلمة وهبوط. وإذا تزكت فهي نفس نورانية تحققت من مراتب النفس السبعة.
[59] الشيخ البشيرالشير محمد نور بابكرالذى ينتهى نسبه الى الشيخ ادريس ود الارباب، ولد بالعيلفون فى العام 1918م، بعد أن حفظ القرآن التحق بالمعهد العلمى بامدرمان وتخرج فيه فى العام 1932م، عمل اماما لمسجد كركوج الكبير ثم ترك الخدمة ، سلك الطريق السمانى على يد الشريف محمد الامين الخاتم، وبعد تأهيله أذن له بأن يتوجه الى شمبات لافتتاح مسيده الذى أصبح قبلة لابكار تلاميذ السريف ومنارة للتربية والسوك، توفى فى العام 1989م .
[60] الكشف: يعني اطلاع الإنسان على ما وراء هذا العالم المادي من حقائق ومعلومات وصور - يقسم العارف الكبير السيد حيدر الآملي في كتابه "جامع الأسرار ومنبع الأنوار" الكشف إلى قسمين: الأول: الكشف الحقيقي المعنوي، وهو يعني ظهور المعاني العينية والحقائق الغيبية، وهو يحصل بسبب تزكية النفس ومجاهدتها بالمجاهدات الشرعية. الثاني: الكشف الصوري غير الحقيقي، وهو يعني اطلاع الإنسان على المغيبات المختصة بالخلق، بالإضافة إلى اطلاعه على ما في عالم المثال عن طريق الحواس الخمس. (حيدر الآملي: جامع الأسرار ومنبع الأنوار 468).
[61] كتب ابن خلدون كتابه الموسوم ب- " العبر وديوان المبتدأ والخبر" وهو تاريخ أيام العرب والعجم والبربر، ومن عاصرهم من ذوي الشأن الأكبر من سبعة أجزاء، والجزء الثامن فهارس الكتاب، وقدم هذا الكتاب بمقدمته الشهيرة وهي دراسة شاملة لفهم مختلف شؤؤن الحياة تناولت علوم الاجتماع والاقتصاد والشريعة والفقه والتاريخ والفكر والسياسة وغيرها من العلوم. وقد ترجمت هذه المقدمة إلى كثير من اللغات العالمية، وبهذه المقدمة علت مكانته وشهرته فقد حظيت المقدمة منذ أن وقعت عليها الأنظاربعناية المفكرين والباحثين والمؤرخين وعلماء الاجتماع و الفلاسفة عرباً ومستشرقين.
[62] قال الإمام الغزالي: "ووراء العقل طور آخر تنفتح فيه عين أخرى يبصر بها الغيب، وما سيكون في المستقبل، وأمورا أخرى العقل معزول عنها كعزل قوة التمييز عن إدراك المعقولات، وكعزل قوة الحس عن مدركات التمييز" المنقذ من الضلال ص57
[63] اعتقد معظم العلماء والمفكرون المسلمين في رؤيتهم للطبيعة البشرية ، أن الإنسان يمثل في خصائصه وسماته آخر أفق للكائنات الحية من عالم الحيوان ، من حيث الجسد والحواس ، وإنه يتصل بأول الملائكة من حيث الروح والعقل وأصله لا يعود إلى الحيوان وإن اتصف بما تتصف به الحيوانات في بعض سلوكه ، إلاّ أن الله خلقه في أحسن تقويم وكذلك أن أصله لا يعود إلى الملائكة ، وإن اتصف ببعض صفاتهم أحياناً.(الجباوي ، علي عبدالله "الدكتور" ، الفكر الانثربولوجي في التراث الفكري العربي ، مطبعة اتحاد الكتاب العرب ، دمشق ، ط1 ، 1996 ، ص 206 .).
[64] يقول الشيخ ابن القيم: "فإذا صارت صفات ربه (أي الولي المتقرب بالفرض والنفل حتى يحبه الله) وأسماؤه مشهدا لقلبه أنسته ذكر غَيره، وشغلته عن حب ما سواه(...). فحينئذ يكون الرب سبحانه سمعه الذي يسمع به، وبصره الذي يبصر به، ويده التي يبطش بها، ورجله التي يمشي بها. فبه يسمع، وبه يبصر، وبه يبطش، وبه يمشي كما أخبر عن نفسه بلسان رسوله. ومن غَلُظَ حجابه، وكثُفَ طبعُه، وصَلُب عوده، فهو عن فهم هذا بمعزل(...). وبالجملة فيبقى قلب العبد الذي هذا شأنه عرشا للمثل الأعلى، أي عرشا لمعرفة محبوبه ومحبته وعظمته وجلاله وكبريائه. وناهيك بقلب هذا شأنه! فيا له من قلب من ربه ما أدناه! ومن قُربه ما أحظاه! فهو ينـزه قلبه أن يساكن سواه أو يطمئن إلى غيره. فهؤلاء قلوبهم قد قطعت الأكوان وسجدت تحت العرش، وأبدانُهم على فرشهم كما قال أبو الدرداء: إذا نام العبد المومن عُرِجَ بروحه حتى تسجد تحت العرش" طريق الهجرتين ص 264..- ابن القيم .
[65] قال ابن تيمية في تفسير سورة آل عمران مستدلاً بآية فلا يظهر على غيبه احداً وقوله وأما ما أظهره لعباده فإنه يعلمه من شاء وقال : { فَلَا يُظْهِرُ عَلَى غَيْبِهِ أَحَدًا إِلَّا مَنِ ارْتَضَى مِن رَّسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفِهِ رَصَدًا } [ الجن : 26، 27 ] . فغيبه الذى اختص به لا يظهر عليه أحداً إلا من ارتضى من رسول، والملائكة لا يعلمون غيب الرب الذى اختص به .وأما ما أظهره لعباده فإنه يعلمه من شاء، وما تتحدث به الملائكة فقد تسترق الشياطين بعضه، لكن هذا ليس من يبه وعلم نفسه الذى يختص به، بل هذا قد أظهر عليه من شاء من خلقه(ج 14 ص197).
[66] يقول ابن خلدون رحمه الله في كتابه شفاء السائل بعد أن قسم المجاهدة إلى ثلاثة أنواع؛ مجاهدة التقوى ومجاهدة الاستقامة ومجاهدة الكشف و المشاهدة، وبين أن هذه الأخيرة أعظم المجاهدات ، يقول رحمه الله: "وأما مجاهدة الكشف والمشاهدة التي مطلوبها رفع الحجاب والاطلاع على العالم الروحاني وملكوت السموات والأرض، فإنها مفتقرة إلى العالِم المربي، وهو الذي يعبر عنه بالشيخ، افتقار وجوب واضطرار، لا يسع غيره، ولا يمكن في الطالب حصولها بدونه" ص 58-59.
[67] قال حذيفة بن اليمان : إن في قلب المؤمن سراجا يزهر . ( ... ) و كلما قوي الإيمان في القلب قوي انكشاف الأمور به .. و عرف حقائقها من بواطلها .. و كلما ضعف الإيمان ضعف الكشف .. و ذلك مثل السراج القوي و السراج الضعيف في البيت المظلم" .( ابن تيمية في الفتاوى ج 20 ص 45.
[68] هناك من يرى بأن الروح والنفس ، هما اسمان مترادفان لمعنى واحد ، وهناك من يرى غير ذلك . فالروح سميت روحاً ، لأن بها حياة البدن ، والروح هي الريح المتردد في مخارق الإنسان ومنافذه(صليبا ، جميل ، المعجم الفلسفي ، مصدر سابق ، ص 623 .)، والنفس سميت نفساً لتولد النفس منها واتصاله بها(الوتاري ، أيمن ، الألفاظ النفسية في القرآن ، رسالة ماجستير مقدمة إلى كلية الآداب ، جامعة الموصل لعام 1994 ، ص 17 .). قال ابن عباس: "في ابن آدم نفس وروح بينهما مثل شعاع الشمس ، فالنفس التي بها العقل والتمييز والروح التي بها النفس والتحرك ، فإذا نام العبد قبض الله نفسه ولم يقبض روحه(القرطبي ، تفسير ، صورة الزمر : 42 .).
[69] بين الموت والنوم شبه اتصال قال الإمام علي بن أبي طالب رضي الله عنه: "الناس نيام فإذا ماتوا انتبهوا وإذا انتبهوا أبصروا وعرفوا ما كانوا فيه من غفلة قال تعالى: "لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد" [ق: 22].
[70] مفهوم الموت عند جميع المسلمين هو انتقال الروح من الجسد إلى ما أعد لها من نعيم أو عذاب والروح مخلوقة خلقها الله سبحانه وتعالى كما خلق سائر الكائنات، ثم هي بعد ذلك خالدة والمقصود بموتها مفارقتها الجسد.
[71] الرؤية مصدر: ( رأى )، ويرى رأياًً وراءة ورئياناً : النظر بالعين أو بالعقل، وأصل يرى: يرأى ولاتستعمل إلاّ نادراً، والأمر منه: رَ، ورأيا الراية: ركزها ( كتاب الرؤية ص 77..  ويقال: رأيته بعيني رؤية ورأيته رأي العين : أي حيث يقع البصر عليه) إبن منظور، أبي الفضل جمال الدين محمد بن مكرم، ( ت 711هـ ) لسان العرب، تحقيق علي شيري - دار إحياء التراث العربي، الطبعة الأولى، 1988م ، ج 5 ص 87.وذكر الرّاغب الأصفهاني الأصفهاني، الرّاغب ، مفردات الفاظ القران الكريم المتوفي حوالي 425هـ - تحقيق صفوان عدنان داوودي، دار القلم دمشق ، الطبعة الاولى 1996 ، ص 374 .  بأن الرؤية: إدراك المرئِّي، وذلك أضرُبٌ بحسب قُوى النّفس.
[72] مسند أحمد بن حنبل 24416
[73] رواه البخاري (6989) من حديث أبي سعيد ، ومسلم (2263) من حديث أبي هريرة.
[74] سورة الفتح الآية: 27.
[75] قال بن منظور فى معجمه(لسان العرب): والجن : ولد الجان. وقال بن سيده: الجن نوع من العالم سموا بذلك لاجتنابهم عن الابصار، ولأنهم استجنوا من الناس فلا يرون، والجمع جنان، وهم الجنة.  وجاء فى القاموس(الاسلامى): (الجن غير الانس، والمفرد جنى وجان، والجنة الطائفة من الجن، وهو أخص من الجن. والجن كما فى التعريفات الفقهية مخلوقات مجردة من المادة تمثل عالما بذاته ، يختلف عن عالم الانس ، وقد وردت كلمة الجن فى القرآن فى 22 موضعا تضمنت أوصافهم وأحوالهم، ويستدل منها على أن الجن مخلوقات مريدة ، منهم المؤمنون ومنهم الفاسقون، وأن لهم قدرة على التشكل. وأنهم يثابون ويعاقبون، وأن الله قد أرسل النبى بشيرا ونذيرا الى الانس والجن على السواء) .
[76] سورة الحجر، الآيتان:27-26.
[77] سورة الذاريات، الآية:56.
[78] روح المعاني/ م:9 ج:27 ص:20.
[79] قصص الأنبياء/ ابن كثير ص:13، 1992م.
[80] سورة الرحمن الآية: 14.
[81] عن يحيى بن سعيد أنه قال: أسري برسول الله صلى الله عليه وسلم فرأى عفريتاً من الجن يطلبه بشعلة من نار كلما التفت رسول الله صلى الله عليه وسلم رآه فقال له جبريل: أفلا أعلمك كلمات تقولهن، إذا قلتهن طفئت شعلته وخر لفيه! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلى، فقال جبريل: قل أعوذ بوجه الله الكريم وبكلمات الله التامات الاتي لا يجاوزهن برّ ولا فاجر ومن شر ما ينزل من السماء وشر ما يعرج فيها ومن شر ما ذرأ في الأرض وشر ما يخرج منها ومن فتن الليل والنهار وطوارق الليل والنهار إلا طارقاً يطرق بخير يا رحمان - الموطأ / الإمام مالك ص:825.، فلو كان الجن باقين على عنصرهم الناري وأنهم نار حقيقية محرقة لما احتاج هذا العفريت أن يأتي بشعلة من النار كما جاء في الحديث.
[82] سورة الأعراف:12.
[83] روى ابن أبي الدنيا من طريق يزيد من يزيد بن جابر أحد ثقات الشامين من صغار التابعين قال: ما من أهل بيت إلا وفي سقف بيتهم من الجن وإذا وضع الغداء نزلوا فتغدوا معهم والعشاء كذلك) فتح الباري شرح صحيح البخاري/ ابن حجر م:6 ص:345، كتاب بدء الخلق
[84] مسند أحمد الرقم: 4/93 .
[85] سورة الأعراف الآية (17).
[86] قال الدميري الشافعي في كتابه "حياة الحيوان الكبرى" مانصه:"في كتاب مناقب الشيخ عبد القادر الكيلاني قدس الله سره، أنه جاءه بعض أهل بغداد، وذكر أن له بنتاً اختطفت من سطح داره، وهي بكر. فقال له الشيخ: اذهب هذه الليلة إلى خراب الكرخ، واجلس عند التل الخامس وخط عليك دائرة في الأرض، وقل وأنت تخطها: بسم الله على نية عبد القادر، فإذا كانت فحمة العشاء، مرت بك طوائف من الجن، على صور شتى، فلا يروعك منظرهم، فإذا كان السحر مر بك ملكهم في محفل منهم، فيسألك عن حاجتك فقل: قد بعثني إليك عبد القادر واذكر له شأن ابنتك. قال: فذهبت وفعلت ما أمرني به الشيخ فمر بي صور مزعجة المنظر ولم يقدر أحد منهم على الدنو من الدائرة التي أنا فيها، ومازالوا يمرون زمراً زمراً إلى أن جاء ملكهم، راكباً فرساً، وبين يديه أمم منهم، فوقف بازاء الدائرة وقال: يا انسي ما حاجتك. قلت: قد بعثني إليك الشيخ عبد القادر، فنزل عن فرسه وقبل الأرض وجلس خارج الدائرة، وجلس من معه ثم قال لي: ما شأنك؟ فذكرت له قصة ابنتي، فقال لمن حوله: علي بمن فعل هذا فأتى بمارد ومعه ابنتي. فقيل له: إن هذا مارد من مردة الصين، فقال له: ما حملك على أن اختطفت من تحت ركاب القطب. فقال: إنها وقعت في نفسي، فأمر به فضربت عنقه، وأعطاني ابنتي فقلت: ما رأيت كالليلة في امتثالك أمر الشيخ عبد القادر! قال: نعم. إنه لينظر من داره إلى مردة الجن وهم بأقصى الأرض فينفرون من هيبته وأن الله تعالى إذا أقام قطباً مكنه من الجن والإنس".
[87] سورة سبأ الآية :‏ ‏13‏.
[88] سورة الأنبياء الآية: 82.
[89] البخاري ح2038، مسلم ح2175.
[90] سورة الصافات الآية: 10.
[91] سورة البقرة من الآية 275.
[92] ذاك الحذاء التاريخي التراثي السوداني الاصيل
[93] يقول صلى الله عليه وسلم ( الجن ثلاثة أصناف : فصنف لهم أجنحة يطيرون بها في الهواء ، وصنف حيات وكلاب ، وصنف يحلون ويظعنون ) الحديث أخرجه ابن حبان والحاكم وأورده السيوطي في الجامع الصغير رقم 365.
ومن هذه الأصناف الثلاثة الجن الصالح والشيطان والمارد والمريد والعفريت ، يقول تعالى: في سورة الصافات : }وَحِفْظاً مّن كُلّ شَيْطَانٍ مّارِد } ، وفي سورة الحج: {وَمِنَ النّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتّبِعُ كُلّ شَيْطَانٍ مّرِيدٍ}، وفي سورة النمل: {قَالَ عِفْرِيتٌ مّن الْجِنّ أَنَاْ آتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مّقَامِكَ وَإِنّي عَلَيْهِ لَقَوِيّ أَمِينٌ} ، ومنهم الطيار كما ورد في الحديث ، ومنهم الغواص كما قال الله تعالى في سورة ص : {وَالشّيَاطِينَ كُلّ بَنّآءٍ وَغَوّاصٍ " . {ومن الجن من دينه الإسلام ومنهم الكافر اليهودي والنصراني والمجوسي وباقي الديانات الأخرى يقول تعالى في سورة الجن : {وَأَنّا مِنّا الصّالِحُونَ وَمِنّا دُونَ ذَلِكَ كُنّا طَرَآئِقَ قِدَداً} ويقول: {وَأَنّا مِنّا الْمُسْلِمُونَ وَمِنّا الْقَاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُوْلَئِكَ تَحَرّوْاْ رَشَداً} ، فمنهم العاقل الذكي ومنهم المغفل الغبي ، يقول تعالى: } وَمَا مِن دَآبّةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مّا فَرّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمّ إِلَىَ رَبّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38]
[94] ابليس علم للشيطان. ويقصد به فى كتب الوحى زعيم الشياطين، ورئيس الارواح الشريرة. ولعل كلمة ابليس معربة عن الكلمة اليونانية (ذيافولس) ومعناها: النمام، أو المشتكى الكاذب. وكلمة (ابليس) تجمع على (اباليس) و(ابالسة ) وهى بالعربية ممنوعة من الصرف لكونها علما أعجميا كما يقول معظم النحاة. وردت لفظة ابليس احدى عشر مرة فى القرآن الكريم
[95]قال الراغب الاصفهانى عن أبى عبيدة (الشيطان اسم لكل عارم من الجن والانس والحيوانات). وقال محمد الشبلى الدمشقى  (الشيطان طائفة من خبثاء الجن فقط، وليس وليس من الحيوانات والانس، وهم ولد ابليس).
[96] قال ابن عقيل: {الشياطين العصاة من الجن وهم ولد إبليس والمردة أعتاهم وأغواهم وهم أعوان إبليس ينفذون بين يديه في الإغواء} أحكام الجان/الشبلي ص:21.
[97] العفريت مأخوذ من العفر والعفرية والعفارة والعفريت "النافذ في الأمر المبالغ فيه مع دهاء" فالعفريت نوع من الجن زاد تمرده وعتوه وقويت عضلاته وطوى المسافات واسترق السمع، وقد ورد ذكره في القرآن الكريم مرة واحدة في قوله تعالى: ﴿قَالَ عِفْرِيتٌ مِّنَ الْجِنِّ أَنَاْ ءَاتِيكَ بِهِ قَبْلَ أَن تَقُومَ مِن مَّقَامِكَ﴾ سورة النمل، الآية:39. وهو المارد القوي ، قال وهب : اسمه كوذى وقيل : ذكوان ، قال ابن عباس : العفريت الداهية . وقال الضحاك : هو الخبيث . وقال الربيع : الغليظ ، قال الفراء : القوي الشديد   ص: 165  تفسير البغوي/ الحسين بن مسعود البغوي.
[98] الجن الطيار هو نوع من أنواع الجن يطير في الهواء كما تطير الطير في السـماء يقطع المسافات بسرعة عالية والبعض يسميه الريحاني نسبة للريح يقول تعالى :} وَمَا مِن دَآبّةٍ فِي الأرْضِ وَلاَ طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلاّ أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ مّا فَرّطْنَا فِي الكِتَابِ مِن شَيْءٍ ثُمّ إِلَىَ رَبّهِمْ يُحْشَرُونَ} [الأنعام: 38].
[99] قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:" مَا مِنْكُمْ مِنْ أَحَد إِلَّا وَقَدْ وُكِّلَ بِهِ قَرِينه مِنْ الْجِنّ , قَالُوا : وَإِيَّاكَ ؟ قَالَ : وَإِيَّايَ إِلَّا أَنَّ اللَّه أَعَانَنِي عَلَيْهِ فَأَسْلَمَ فَلَا يَأْمُرنِي إِلَّا بِخَيْرٍ" .غير أن في حديث سفيان :" وقد وكل به قرينه من الجن ، وقرينه من الملائكة " الراوي: عبدالله بن مسعود صحيح مسلم وقد ورد ذكر القرين في سورة ق مرتين )وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ  )( سورة ق (23))، (قَالَ قَرِينُهُ رَبَّنَا مَا أَطْغَيْتُهُ وَلَكِنْ كَانَ فِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ ( (سورة ق (27() أن هذين القرينين مختلفين عن بعضهما البعض. والرسول  يفتح مجال التعريف بالقرين ففي الحديث عند أحمد ومسلم وله روايتان "ما من أحد إلا وكّل به قرين" " ما من أحد إلا وُكل به قرينه من الجنّ وقرينه من الملائكة".
[100] عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِي اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّه سَمِعَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يَخْطُبُ عَلَى الْمِنْبَرِ يَقُولُ اقْتُلُوا الْحَيَّاتِ وَاقْتُلُوا ذَا الطُّفْيَتَيْنِ وَالابْتَرَ فَإِنَّهُمَا يَطْمِسَانِ الْبَصَرَ وَيَسْتَسْقِطَانِ الْحَبَلَ قَالَ عَبْدُاللَّهِ فَبَيْنَما أَنَا أُطَارِدُ حَيَّةً لأَقْتُلَهَا فَنَادَانِي أَبُو لُبَابَةَ لا تَقْتُلْهَا فَقُلْتُ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ أَمَرَ بِقَتْلِ الْحَيَّاتِ قَالَ إِنَّهُ نَهَى بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ ذَوَاتِ الْبُيُوتِ وَهِيَ الْعَوَامِرُ ( رواه البخاري في صحيحه  
[101] ﴿عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجن ثلاثة أصناف: صنف لهم أجنحة يطيرون في الهواء وصنف حيات وصنف يحلون ويظعنون﴾ المستدرك على الصحيحين في الحديث/ الحاكم، ج:2 ص:456.، والكلب الأسود صنف من الجن، وقد أمر النبي صلى الله عليه وسلم بقتل كل كلب أسود خالص السواد لأنه شيطان ﴿عن أبي قلابة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لولا أن الكلاب أمة لأمرت بقتلها فاقتلوا منها الأسود البهيم﴾ (الخالص السواد) مختصر سنن أبي داود/ المندري م:4 ص:132-133.، كما حدد النبي صلى الله عليه وسلم هذا الكلب الأسود الواجب قتله في الحديث الذي رواه مسلم عن جابر بن عبد الله قال: أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بقتل الكلاب حتى إن المرأة تقدم من البادية بكلبها فنقتله ثم نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن قتلها وقال: ﴿عليكم بالأسود البهيم ذي النقطتين فإنه شيطان﴾ صحيح مسلم.
[102] سورة الحجر الآية: 16-18.
[103] سورة الملك الآية :5.
[104] سورة الصافات الآية: 6-10.
[105] سورة الجن الآية :1-3.
[106] سورة الجن الآية :1-18.
[107]كتاب الروح وماهيتها- السيد محمد محمد الحريري البيومي .
[108] كتاب الروح وماهيتها- الشيخ البيومي.
[109] تفسير القرطبي - القرطبي - ج ١٦ - الصفحة ٢١٤.
[110] مسند احمدبن حنبل 13777.
[111] الشيخ البشير محمد نور بابكر تلميذ الشريف محمد الامين الخاتم- شمبات .
[112] توفى لرحمة مولاه وقبر بمسجده بشمبات.
[113] إن اتصال الإنسان بهذا العالم الخاص ممكن وواقع، وهي علاقة يسميها القرآن الكريم بالاستمتاع، قال تعالى: (وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ ۖ وَقَالَ أَوْلِيَاؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنَا بِبَعْضٍ وَبَلَغْنَا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنَا)الأنعام آية 128. ولذلك يقبل الجن التسخير، وقد وقع ذلك لبعض الأنبياء، وأهمهم سليمان عليه السلام، قال سبحانه: (فَسَخَّرْنَا لَهُ الرِّيحَ تَجْرِي بِأَمْرِهِ رُخَاء حَيْثُ أَصَابَ * وَالشَّيَاطِينَ كُلَّ بَنَّاء وَغَوَّاصٍ) سورة ص، 36-37. وقال ابن تيمية:" وأما سؤال الجن، وسؤال من يسألهم، فهذا إن كان على وجه التصديق لهم في كل ما يخبرون به والتعظيم للمسؤول فهو حرام.. وأما إن كان يسأل المسؤول ليمتحن حاله ويختبر باطن أمره، وعنده ما يميز به صدقه من كذبه، فهذا جائز..." مجموع الفتاوى 19/62. واستدل له بخبر سؤال الرسول صلى الله عليه وسلم ابن صياد. وقسم ابن تيمية أنواع استخدام الجن إلى ثلاثة أقسام: استخدامهم في المحرمات، فهذا حرام. واستخدامهم في أمور مباحة، إما إحضار مال المستخدم أو دلالته على شيء أو دفع من يؤذيه، فهذا كاستعانة الإنس بعضهم ببعض. وأخيرا استعمالهم في طاعة الله ورسوله، كما يستعمل الإنس في ذلك) انظركتاب الفرقان بين أولياء الرحمن وأولياء الشيطان تأليف شيخ الإسلام أحمد بن عبدالحليم إبن تيمية رحمه الله حققه وخرج أحاديثه وعلق عليها الدكتور عبدالرحمن بن عبدالكريم اليحي لأول مرة يحقق على ست نسخ خطية ص 364 , 365.
[114] الشريف محمد الامين الخاتم بن الشريف طه النور الذى يتسلل نسبه للشيخ عبد القادر الجيلانى الذى ينهى نسبه عند السيد الحسن بن على بن ابى طالب كرم الله وجهه. ويتسلل نسبه من جهة والدته للشريف عبد الباسط (راجل الفجيجة). ولد فى العام 1901م، نال علومه على يد الشريف يوسف الهندى برى، خلف والده وسار على نهجه الى أن لحق بالرفيق الاعلى سنة 1976م .
[115] كركوج
[116] رواه مسلم.
[117] قال تعالى: (فإذا قرأتَ القرآنَ فاستعذ بالله من الشّيطان الرّجيم* إِنَّهُ لَيْسَ لَهُ سُلْطَانٌ عَلَى الَّذِينَ آمَنُواْ وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ *  إِنَّمَا سُلْطَانُهُ عَلَى الَّذِينَ يَتَوَلَّوْنَهُ وَالَّذِينَ هُم بِهِ مُشْرِكُونَ) (سورة النحل: 98-99-100)، والمعنى إذا قرأت القرآن فاطلب منه جل شأنه أن يعيذك من الشيطان الرجيم أن يغويك، أي توكل على الله تعالى فأن المتوكل على الله ليس للشيطان سلطان عليه، حيث الإيمان والتوكل صدق العبودية لله تعالى، كقوله تعالى شأنه لا بليس: (إن عبادي ليس لك عليهم سلطانٌ إلا من اتبعكَ من الغاوين). سورة الحجر: 15/ 42.
[118] الدعاء 978/ الطبرانى، وأخرجه مالك والنسائي عن ابن مسعود في الصحاح.
[119] سورة النبأ : الآية 29.
[120] سورة الأنعام -من الآية 38.
[121] سورة الإسراء: الآية 82 .
[122] سورة الشورى آية 1-2.
[123] سورة البقرة آية 137.
[124] دلائل النبوة للبيهقى رقم الحديث: 3050 - الزار كطقوس وممارسات فتقول دائرة المعارف الإسلامية : إن كلمة زار مشتقة من جار DJAR كبير آلهة الكوشيين الذي يتغير اسمه لدى بعض الطوائف إلى يارو YARO أو دارو DARO ، وظهر منه في إطار المسيحية الحبشية اسم روح شريرة هو زار ZAR الذي استعـاره المسيحيون الأحباش من بعض القبائل الوثنية. وقد اعتبره المصلحون الاجتماعيون من الأمراض الخطيرة التي تقوض دعـائم المجتمع ، ونُشرت مقـالات وكتب عن مضار الزار ، وكانت النظرة الإصلاحية في ذلك الوقت ترى أن أضرار الزار تكمن في : السفه والتبذير في إنفاق المال بغير طائل إرضاءً لطائفة من شياطين الأنس والجن ) الدجل والشعوذة ( . دلائل النبوة للبيهقى رقم الحديث: 3050 - الزار كطقوس وممارسات فتقول دائرة المعارف الإسلامية : إن كلمة زار مشتقة من جار DJAR كبير آلهة الكوشيين الذي يتغير اسمه لدى بعض الطوائف إلى يارو YARO أو دارو DARO ، وظهر منه في إطار المسيحية الحبشية اسم روح شريرة هو زار ZAR الذي استعـاره المسيحيون الأحباش من بعض القبائل الوثنية.وقد اعتبره المصلحون الاجتماعيون من الأمراض الخطيرة التي تقوض دعـائم المجتمع ، ونُشرت مقـالات وكتب عن مضار الزار ، وكانت النظرة الإصلاحية في ذلك الوقت ترى أن أضرار الزار تكمن في : السفه والتبذير في إنفاق المال بغير طائل إرضاءً لطائفة من شياطين الأنس والجن ) الدجل والشعوذة ( ..
[125]    تعرف الموسيقى على العموم على أنها فنون العزف على آلات الطرب، وعلمها هو«معرفة نسب الأصوات والنغم بعضها إلى بعض وتقديرها بالعدد، وثمرته معرفة تلاحين الغناء» ابن خلدون، المقدمة، دار الكتب العلمية، بيروت، ط.1/1992، ص.531. وعن علاقة الموسيقى بالدين تذكر بعض أخبار الأوائل التي أوردها صاحب "كشف الظنون"، أن علم الموسيقى وضعه أحد تلامذة سيدنا سليمان عليه السلام الذي صنع آلة موسيقية وبدأ يرغب من خلال العزف عليها في أمور الآخرة وهو ينشد شعرا في التوحيد(مصطفى ابن عبد الله القسطنطيني، كشف الظنون، ج. 2، دار الكتب العلمية، بيروت، ط. 1992، ص. 1902.). الخصومة بين الدين والموسيقى التي نراها اليوم، ونلمس أثرها وعلى أكثر من صعيد فمردها إلى مناقضة مرفقات الموسيقى وبعض فروعها أو علومها (الرقص) وشعرها... لمقاصد الدين وقيمه وأغراضه في إصلاح النفس والروح البشرية. فالدين من حيث هو عقيدة، هو «نظام أو مجموعة من الحقائق العامة لها تأثير في تكييف الخلق، إذا صدق الاعتقاد بها، وفهمت فهما واضحا قويا»( محمد إقبال، تجديد التفكير الديني في الإسلام، ترجمة عباس محمود، دار الهداية، مصر، ط. 2/2000، ص.8).
[126] المس الشيطاني يسبب امراضا كثيرة ، وتكون اسبابها غالبا غير مبررة في الطب البشري او الطب النفسي ، ومن هذه الأمراض الصداع الشديد في الرأس وما يسمى بنوبات الصرع والاكتئاب والنفور والأرق والخوف والوهم والنسيان والتخبط وارتجاف اعضاء الجسم لا اراديا . وتأثيره على العبادات، فالذي يعاني من المس الشيطاني ، لا يروق له الا فعل المعاصي ، كما انه لايقدر على الصلاة او الصيام او تأدية الزكاة او دفع الصدقات حتى تصل به الأمور الى ان يحب ان يدفع الف دينار ليرتكب معصية ، ولا يروق له ان يدفع دينارا مقابل حسنة . وأعراض هذا المس عند الرجال ، يختلف عن اعراض وجوده عند النساء .
[127] هى الرقية: قال ابن الأَثـير: الرُّقْـية : العُوذة التـي يُرْقـى بها صاحبُ الآفةِ كالـحُمَّى والصَّرَع وغير ذلك من الآفات. يقول الله سبحانه وتعالى: ( كَلاّ إِذَا بَلَغَتِ التّرَاقِي* وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ ) القيامة:27.  وفي سنن ابن ماجة عَنْ أَبِي خزَامَةَ قَالَ سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ أَرَأَيْتَ أَدْوِيَةً نَتَدَاوَى بِهَا وَرُقًى تسترقي بِهَا وَتُقًى نَتَّقِيهَا هَلْ تَرُدُّ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ شَيْئًا قَالَ : ( هِيَ مِنْ قَدَرِ اللَّهِ .).
[128] حديث أودجانه لاثبات الحجاب فى العلاج: (قال أبو دجانة رضى الله عنه فأخذت الكتاب وأدرجته وحملته الى دارى وجعلته تحت رأسى فبت ليلتى فما أنتبهت الا من صراخ صارخ يقول يا أبادجانة أحرقتنا بهذه الكلمات فبحق صاحبك الا ما رفعت عنا هذه الكلمات فلا عدنا الى دارك ولا جوارك ولا فى موضع يكون فيه هذا الكتاب...  ) ( البيهقى) وهذا دليل الحجاب المكتوب الذى يحمل ويعلق على الجسم لأن جسم الانسان موضع ، ويجب ان ننتبه الى قول أبى دجانه لم يقل وضعت الكتاب فى عتبة البيت ولا على سقفه بل وضعه تحت رأسه فكان تأثير الحجاب على الجن داخل المنزل باكمله وربما تعداه للجوار (فلا عدنا الى دارك ولا جوارك) .
[129] الملائكة لغة: جمع ملك، قال ابن فارس: (الميم واللام والكاف أصل صحيح يدل على قوة في الشيء وصحة  (معجم مقايس اللغة (351/5-352) مادة ملك) ،  والملك أصله (ملاك) نقلت حركة الهمزة فيه إلى الساكن قبله، ثم حذفت الألف تخفيفاً فصارت ملكاً، وهو مشتق من الألوكة والملأكة وهي: الرسالة، والملأك: الملك؛ لأنه يبلغ عن الله تعالى، يقال: ألك؛ أي تحمل الرسالة(انظر معجم مقايس اللغة (132/1) مادة ألك والقاموس المحيط (432/3-433)) قالت عَائِشَةُ رضي الله عنها:-قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)" خُلِقَتِ الْمَلائِكَةُ مِنْ نُورٍ وَخُلِقَ الْجَانُّ مِنْ مَارِجٍ مِنْ نَارٍ وَخُلِقَ آدَمُ مِمَّا وُصِفَ لَكُمْ" رواه مسلم رقم(2996). إن الصلة بين بني آدم وبين الملائكة قائمة منذ زمن بعيد لا يعلم مقداره إلا الله عزّوجلّ، لكن الحكاية تبدأ عند خلق أبينا آدم عليه السلام، إذ أكرمه الله تعالى وخلقه ونفخ فيه من روحه، حتى إذا ما صار بشراً سوياً تدب فيه الحياة أسجد له ملائكته الأطهار، سجود تكريم وتعظيم وإكبار. قال تعالى: (وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلائِكَةِ اسْجُدُوا لآدَمَ فَسَجَدُوا إِلاإِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ) سورة البقرة/ 34.
[130] سورة  التحريم/ من الآية 6.
[131] المعجم الكبير للطبراني - (٣ / ٣٣١) (٣٠٥١ ).
[132] سورة المدثر الآية 31 .
[133] سورة المدثر الآية 31.
[134] سورة الأنبياء الآية .30.
[135] قال تعالى: (الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْمًا فَاغْفِرْ لِلَّذِينَ تَابُوا وَاتَّبَعُوا سَبِيلَكَ وَقِهِمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ * رَبَّنَا وَأَدْخِلْهُمْ جَنَّاتِ عَدْنٍ الَّتِي وَعَدْتَهُمْ وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَقِهِمُ السَّيِّئات...) (غافر/ 7-8(.
[136]  أن انسان هذا العصر الذى راح يربط بين أفكاره الموروثة والمكتسبة وبين الاكتشافات الحديثة من اختراعات وعلوم وفلسفة، قد يحاول أن يغوص فى أعماق المعتقدات الدينية الماورائية، عسى ان يجد فيها الخلاص من دوامة القلق التى يدور فى فلكها، فلا أقل ان يستمد معرفته، ليتمكن من سلوك طريقه العرفانى الذى يقوده الى السعادة والهناء فى العالم الروحانى المؤثر فى عالمنا المادى الزائل، ومتى كان البرهان على بدء الخليقة، والتكوين البشرى، مستمدا من الايمان المطلق بالله وبعدالة ناموسه الخلقى، فان البرهان اذا كان عقليا منطقيا مما يحس به المرء ويحققه بنفسه يكون أحرص على التمسك بايمانه بالله وبقدرته العجيبة. وللملائكة علاقة وثيقة ببني آدم حيث وكل الله تعالى لهم أعمالاً كثيرة تتعلق بالبشر، ولا يفارقون الإنسان إلا لحظات معدودة، كما قال (صلى الله عليه وسلم): "إياكم والتعري، فإن معكم من لا يفارقكم إلا عند الغائط، وحين يفضي الرجل إلى أهله، فاستحيوهم وأكرموهم".( سنن الترمذى).
[137] سورة النبأ/ الآية 38.
[138] أخرجه الترمذي في السنن (2431 )، قال ابن جرير في تفسيره(20/528) ، عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : "إن الله لما فرغ من خلق السموات والأرض خلق الصور، فأعطاه إسرافيل، فهو واضعه على فيه شاخص ببصره إلى العرش ينتظر متى يؤمر ، قال أبو هريرة: يا رسول الله: وما الصور؟ قال: قرن قال: وكيف هو؟ قال: قرن عظيم ينفخ فيه ثلاث نفخات، الأولى نفخة الفزع، والثانية نفخة الصعق، والثالثة نفخة القيام لرب العالمين، يأمر الله إسرافيل بالنفخة الأولى فيقول: انفخ نفخة الفزع، فيفزع أهل السموات وأهل الأرض إلا من شاء الله، ويأمره الله فيديمها ويطولها، فلا يفتر، وهي التي يقول الله( وما ينظر هؤلاء إلا صيحة واحدة ما لها من فواق ) ثم يأمر الله إسرافيل بنفخة الصعق، فيقول: انفخ نفخة الصعق، فيصعق أهل السموات والأرض إلا من شاء الله، فإذا هم خامدون، ثم يميت من بقي، فإذا لم يبق إلا الله الواحد الصمد، بدل الأرض غير الأرض والسموات، فيبسطها ويسطحها، ويمدها مد الأديم العكاظي، لا ترى فيها عوجا ولا أمتا، ثم يزجر الله الخلق زجرة، فإذا هم في هذه المبدلة في مثل مواضعهم من الأولى ما كان في بطنها كان في بطنها، وما كان على ظهرها كان على ظهرها".
[139] سورة فاطر الآية 1 -- عن أَبُي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ قَالَ:-سَأَلْتُ عَائِشَةَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ بِأَيِّ شَيْءٍ كَانَ نَبِيُّ اللَّهِ(صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) يَفْتَتِحُ صَلاتَهُ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ قَالَتْ(كَانَ إِذَا قَامَ مِنَ اللَّيْلِ افْتَتَحَ صَلاتَهُ اللَّهُمَّ رَبَّ جَبْرَائِيلَ وَمِيكَائِيلَ وَإِسْرَافِيلَ فَاطِرَ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ عَالِمَ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبَادِكَ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ اهْدِنِي لِمَا اخْتُلِفَ فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِكَ إِنَّكَ تَهْدِي مَنْ تَشَاءُ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ)رواه مسلم رقم 270.
[140] اسرافيل  عليه  السلام  هو ملك عظيم جناح له بالمشرق وجناح له بالمغرب ورجلاه تحت تخوم الارض السابعة السفلى بخمسمائة عام والسماوات السبع الى ركبتيه، وعنقه ملوي تحت العرش والعرش على كاهله، وقد مد الرجل اليمنى واخرى اليسرى واللوح المحفوظ بين عينيه وقد التقم الصور وشخص ببصره نحو العرش وانصت بأذنيه ينتظر متى يؤمر بالنفخ بالصور؛والصور قرن من نور،  وروي عنه صلى الله  عليه  وسلم انه قال((الصور قرن من نور، والذي نفسي بيده ان اعظم ثارة فيه كما بين الأرض والسماء)) صدق رسول الله اخرجه المروزي في ((الفتن))(1825)بنحوه،وابن راهويه(10)،وذكره القرطبي في فسيره(13\239)بلفظ (الصور قرن من نور ينفخ فيه اسرافيل)).
[141] ومما جاء في وصفه:-عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ رَأَى رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) جِبْرِيلَ فِي صُورَتِهِ (وَلَهُ سِتُّ مِائَةِ جَنَاحٍ كُلُّ جَنَاحٍ مِنْهَا قَدْ سَدَّ الأُفُقَ يَسْقُطُ مِنْ جَنَاحِهِ مِنَ التَّهَاوِيلِوَالدُّرِّوَالْيَاقُوتِ مَا اللَّهُ بِهِ عَلِيمٌ). رواه أحمد في المسند قال ابن كثير في البداية 1/47 إسناده جيد وقال رسول الله واصفا جبريل:-" رَأَيْتُهُ مُنْهَبِطًا مِنَ السَّمَاءِ سَادًّا عِظَمُ خَلْقِهِ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ رواه مسلم رقم(177).
[142] قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إِنَّ طَرفَ صَاحِبِ الصُّوَرِ مُذْ وُكِّلَ بِهِ مُسْتَعِدٌّ، يَنْظُرُ نَحْوَ الْعَرْشِ، مَخَافَةَ أَنْ يُؤْمَرَ قَبْلَ أَنْ يَرْتَدَّ إِلَيْهِ طَرْفُهُ، كَأَنَّ عَيْنَيْهِ كَوْكَبَانِ دُرِّيَّانِ. " رواه الحاكم في المستدرك وإسناده صحيح. قال ضمرة - وهو أحد السلف - رحمه الله تعالى: " بلغني أن أول من سجد لآدم عليه السلام إسرافيل فأثابه الله تعالى أن كتب القرآن في جبهته " رواه أبو الشيخ الأصبهاني في كتابه العظمة وإسناده لا بأس به.
[143] قال ابن كثير في "البداية والنهاية" (1/49) : وأما ملك الموت فليس بمصرح باسمه في القرآن ، ولا في الأحاديث الصحاح، وقد جاء تسميته في بعض الآثار بعزرائيل ، والله أعلم . وقد قال الله تعالى: ( قُلْ يَتَوَفَّاكُمْ مَلَكُ الْمَوْتِ الَّذِي وُكِّلَ بِكُمْ ثُمَّ إِلَى رَبِّكُمْ تُرْجَعُونَ ) السجدة /11. وقال المناوي في "فيض القدير" (3/32) بعد أن ذكر أن ملك الموت اشتهر أن اسمه عزرائيل ، قال : ولم أقف على تسميته بذلك في الخبر اهـ .
[144] قال تعالى: (وَنادوا يا مالِكُ لِيقضِ عَلَينا رَبُك قالَ إِنّكُم ماكِثونَ) ..... ( الزخرف: 77 ).
[145]قال الحافظ ابن كثير في البداية والنهاية (1/53) عند ذكر خلق الملائكة: ومنهم الموكلون بالجنان وإعداد الكرامة لأهلها وتهيئة الضيافة لساكنيها من ملابس ومصاغ ومساكن ومآكل ومشارب وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ، وخازن الجنة ملك يقال له رضوان جاء مصرحا به في بعض الأحاديث . اهـ وقد يكون والله أعلم ، أن الأصل في هذه التسمية راجعة إلى أن الجنة دار رضا الله عن المؤمنين كما قال تعالى : ( فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ اللَّهِ أَكْبَرُ ذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ) التوبة-72وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري قال، قال رسول الله (ص) : إن الله تبارك وتعالى يقول لأهل الجنة يا أهل الجنة فيقولون لبيك ربنا وسعديك فيقول هل رضيتم ؟ فيقولون وما لنا لا نرضى وقد أعطيتنا ما لم تعط أحداً من خلقك ، فيقول أنا أعطيكم أفضل من ذلك ، قالوا يا رب وأي شيء أفضل من ذلك ؟فيقول أحل عليكم رضواني فلا أسخط عليكم بعده أبداً.  متفق عليه رواه البخاري 6549 مسلم 2829.
[146] قال الخطابي رحمه الله تعالى في : (( غريب الحديث )) (1/440) : (( الملائكة الكَرُوبيّون ، وهم : المُقَرّبون . وقال بعضهم : إنما سُمُّوا :         ( كَرُوبيين ) لأنهم يُدْخِلون الكَرْب على الكفار ، وليس هذا بشيء ) وقال ابن الأثير ـ رحمه الله ـ في : (( النهاية في غريب الحديث والأثر ))              ( 4/161) : (( في حديث أبي العالية :(( الكروبيون سادة الملائكة )) هم المقربون ، ويقال لكل حيوانٍ وَثِيْقِ المفاصل : إنه لمُكْرَب الخَلْق ، إذا كان شديد القُوَى . والأول أشبه ) .
[147] يقول الحافظ ابن كثير رحمه الله: " ( إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ ) يعني : الملكين اللذين يكتبان عمل الإنسان ، ( عَنِ الْيَمِينِ وَعَنِ الشِّمَالِ قَعِيدٌ ) أي : مترصد . ( مَا يَلْفِظُ ) أي : ابن آدم ( مِنْ قَوْلٍ ) أي : ما يتكلم بكلمة ( إِلا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ ) أي : إلا ولها من يراقبها معتد لذلك يكتبها ، لا يترك كلمة ولا حركة ، كما قال تعالى : ( وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ ) الانفطار/10-12 " انتهى." تفسير القرآن العظيم " (7/398).
[148] سورة الانفطار9-10-11-12.
[149] سورة الأنعام: 160.
[150] سورة هود: الآية 114.
[151] سورة الفرقان: الآية 70.
[152] وَالْمَلَائِكَة : جَمْع مَلَك مُذَكَّر غَيْر مُؤَنَّث , وَوَاحِد الْمَلَائِكَة مُعَقِّب , وَجَمَاعَتهَا مُعَقِّبَة , ثُمَّ جُمِعَ جَمْعه , أَعْنِي جُمِعَ مُعَقِّب بَعْد مَا جُمِعَ مُعَقِّبَة . وَقِيلَ : مُعَقِّبَات , كَمَا قِيلَ : أَبْنَاوَات سَعْد , وَرِجَالَات بَنِي فُلَان جَمْع رِجَال . الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : ( لَهُ مُعَقِّبَات ) اِخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي تَأْوِيل ذَلِكَ , فَقَالَ بَعْضهمْ : مَعْنَاهُ : لِلَّهِ تَعَالَى ذِكْره ـ مُعَقِّبَات , قَالُوا : الْهَاء فِي قَوْله " لَهُ " مِنْ ذِكْر اِسْم اللَّه , وَالْمُعَقِّبَات الَّتِي تَتَعَقَّب عَلَى الْعَبْد ; وَذَلِكَ أَنَّ مَلَائِكَة اللَّيْل إِذَا صَعِدَتْ بِالنَّهَارِ أَعْقَبَتْهَا مَلَائِكَة النَّهَار , فَإِذَا اِنْقَضَى النَّهَار صَعِدَتْ مَلَائِكَة النَّهَار ثُمَّ أَعْقَبَتْهَا مَلَائِكَة اللَّيْل , وَقَالُوا : قِيلَ مُعَقِّبَات , وَالْمَلَائِكَة : جَمْع مَلَك مُذَكَّر غَيْر مُؤَنَّث , وَوَاحِد الْمَلَائِكَة مُعَقِّب , وَجَمَاعَتهَا مُعَقِّبَة , ثُمَّ جُمِعَ جَمْعه , أَعْنِي جُمِعَ مُعَقِّب بَعْد مَا جُمِعَ مُعَقِّبَة . وَقِيلَ : مُعَقِّبَات , كَمَا قِيلَ : أَبْنَاوَات سَعْد , وَرِجَالَات بَنِي فُلَان جَمْع رِجَال .' وَقَوْله : { مِنْ بَيْن يَدَيْهِ وَمِنْ خَلْفه } يَعْنِي بِقَوْلِهِ : { مِنْ بَيْن يَدَيْهِ } مِنْ قُدَّام هَذَا الْمُسْتَخْفِي بِاللَّيْلِ وَالسَّارِب بِالنَّهَارِ , { وَمَنْ خَلْفه } : مِنْ وَرَاء ظَهْره . تفسير الطبvn.
[153] أخرجه ابن أبي الدنيا في "الشكر" رقم (43) ومن طريقه البيهقي في "الشعب" رقم (4269) والفراء الحنبلي في "طبقاته" (1/194) وأبو نعيم في "الحلية" (2/377) ومن طريقه ابن قدامة في "العلو" رقم (73)..
[154] أخرجه البُخَاري فِي (الصحيح)(3 / رقم 1338- فتح).
[155] فالبرزخ في اللغة : الحاجز بين الشيئين. قال في القاموس : الحاجز بين الشيئين ، ومن وقت الموت إلى القيامة ، ومن مات دخله ، انتهى .فالبرزخ فترة زمنية تمر على كل ميت ، مسلم أو كافر ، صالح أو طالح ، ويجري خلالها فتنة القبر وهي سؤال الملكين ، ثم النعيم أو العذاب ، فالدور ثلاث : دار الدنيا ، ودار البرزخ ، ودار القرار.
[156] عُرف الجسد الأثيري تحت أوصاف متنوعة وأسماء متعددة, تبعاً لصفاته, فقد أطلق عليه إلى جانب ما ذكرت: الجسد الحيوي corps vital, والجسد الهي ولي fluidique, والجسد الوسيط intermediaries نظراً لدوره كوسيط بين العقل والمادة, والجسد الشبح fan tome وفي المراجع الفرنسية prosperity. ، ومن الحقائق الخطيرة التي نتجت عن اعتبار الجسم الأثيري حامل الشعور, ومصدر الإحساس , أنه بات علينا ألا ننظر إلى الحواس الخمس كمصدر لهذا الإحساس , بل الأخرى أنها أدوات الإحساس التي يستعملها المصدر , أو الطاقة المشتركة الموجودة في الجسم الأثيري , والتي تعمل عن طريق العين فتسمى إبصاراً , وتعمل عن طريق الأذن فتسمى سمعاً , وهكذا . وقد تعمل خارج أية حاسة فتسمى عند ذاك: " إدراكاً خارج الحواس ". وهذا مفتاح الكثير من القدرات غير العادية لبعض الناس , كالرؤية عن طريق اللمس مثلاً وتميز الألوان , بل والقراءة عن طريق وضع الأصابع غير أنني توصلت إلى رأي حاسم بصدد الرؤية غير البصرية ... إنها اكتشاف حقيقي " ( كتاب الحاسة السادسة لـ شيلا أوستراندر)
[157] ورد ذِكر اسمي " هاورت وماروت " في القرآن الكريم في موضع واحد فقط، قال تعالى : ( وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُوا الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ وَمَا أُنْزِلَ عَلَى الْمَلَكَيْنِ بِبَابِلَ هَارُوتَ وَمَارُوتَ..) سورة البقرة 102.قال عبد الرحمن السعدي: وكذلك اتبع اليهودُ السحرَ الذي أُنزل على الملَكين، الكائنين بأرض " بابل "، من أرض العراق، أنزل عليهما السحر؛ امتحاناً وابتلاءً من الله لعباده... ) ،تفسير السعدي ص 61.
[158] سورة البقرة الآية: 102.
[159] هذا الشرح جاء فى تفسير ابن كثير(البقرة ج/1).
[160] سورة البقرة الآية:30.
[161] مجمع الزوائد- الصفحة أو الرقم: 7/212 نور الدين علي بن أبي بكر الهيثمي.
[162] سورةالنحل آية18
[163] المصدر: هو : زكريا بن محمد بن محمود القزوينى، الأنصارى النجارى (أبو يحيى ،عماد الدين)المؤرخ الجغرافى والذى عمل بالقضاة ولد القزويني على الأرجح عام 605 هـ ،  توفى سنة 682هجرية_1283ميلادية ويمتد نسبه الى الصحابى الشهير أنس بن مالك خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم.. ولد( بقزوين بين رشت وطهران) ورحل الى الشام والعراق، وتولى القضاء أيام الخليفة العباسى المستعصم بالله وكتب كتب متنوعة منها أثار البلاد وأخبار العباد مطبوع وخطط مصر لايزال مخطوطا، وعجائب المخلوقات الذى منه سلسلة (سكان السموات وفلك الأفلاك) وهو موجود فى الهيئة العامة للكتاب وألفه القزوينى أيام كان بعيدا عن موطنه وهو من 528 صفحة.
[164] سورة النازعات آية 5.
[165] معنى الغفلة في اللغة العربية:الغفلة تأتي بمعنى اللهو والنسيان والانشغال بالحقير عن الخطير وبالتافه عن المهم، حتى في ترتيب الأولويات توجد الغفلة فمن قدم التافه على المهم فإنه في غفلة..أما معناها في الشرع: الانشغال بالدنيا عن الآخرة... والغفلة متابعة النفس بكل ما تشتهي الغفلة والهوى أصل كل شر.. قال تعالى: (وَلَا تُطِعْ مَنْ أَغْفَلْنَا قَلْبَهُ عَنْ ذِكْرِنَا وَاتَّبَعَ هَوَاهُ وَكَانَ أَمْرُهُ فُرُطًا)، لقد نهى اللهُ رسوله عن صحبةِ وطاعةِ كلِ غافلٍ صارت مصالحُ دينِه ودنياه فُرُطًا، أي: ضائعة معطلة.
[166] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ قَالَ:- رَسُولُ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ( إِنَّ لِلَّهِ مَلائِكَةً يَطُوفُونَ فِي الطُّرُقِ يَلْتَمِسُونَ أَهْلَ الذِّكْرِ فَإِذَا وَجَدُوا قَوْمًا يَذْكُرُونَ اللَّهَ تَنَادَوْا هَلُمُّوا إِلَى حَاجَتِكُمْ قَالَ فَيَحُفُّونَهُمْ بِأَجْنِحَتِهِمْ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا قَالَ فَيَسْأَلُهُمْ رَبُّهُمْ وَهُوَ أَعْلَمُ مِنْهُمْ  مَا يَقُولُ عِبَادِي قَالُوا يَقُولُونَ يُسَبِّحُونَكَ وَيُكَبِّرُونَكَ وَيَحْمَدُونَكَ وَيُمَجِّدُونَكَ قَالَ فَيَقُولُ هَلْ رَأَوْنِي  قَالَ فَيَقُولُونَ لا وَاللَّهِ مَا رَأَوْكَ قَالَ فَيَقُولُ وَكَيْفَ لَوْ رَأَوْنِي قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْكَ كَانُوا أَشَدَّ لَكَ عِبَادَةً وَأَشَدَّ لَكَ تَمْجِيدًا وَتَحْمِيدًا وَأَكْثَرَ لَكَ تَسْبِيحًا قَالَ يَقُولُ فَمَا يَسْأَلُونِي قَالَ يَسْأَلُونَكَ الْجَنَّةَ قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ أَنَّهُمْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ عَلَيْهَا حِرْصًا وَأَشَدَّ لَهَا طَلَبًا وَأَعْظَمَ فِيهَا رَغْبَةً قَالَ فَمِمَّ يَتَعَوَّذُونَ قَالَ يَقُولُونَ مِنْ النَّارِ قَالَ يَقُولُ وَهَلْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لا وَاللَّهِ يَا رَبِّ مَا رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُ فَكَيْفَ لَوْ رَأَوْهَا قَالَ يَقُولُونَ لَوْ رَأَوْهَا كَانُوا أَشَدَّ مِنْهَا فِرَارًا وَأَشَدَّ لَهَا مَخَافَةً قَالَ فَيَقُولُ فَأُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ قَالَ يَقُولُ مَلَكٌ مِنْ الْمَلائِكَةِ فِيهِمْ فُلانٌ لَيْسَ مِنْهُمْ إِنَّمَا جَاءَ لِحَاجَةٍ قَالَ هُمْ الْجُلَسَاءُ لا يَشْقَى بِهِمْ جَلِيسُهُمْ) . رواه البخاري فتح رقم 6408.